العودة

Helwan, Egypt

كم يوما قد مر منذ ان عادت الى هنا؟ .. لا يهم فهى لاتتذكر سوى الغياب عنه والذى استمر 15 عاما، تبدل فيها الحال من طفلة مقيدة بضفائر وملايين الهواجس والمخاوف بعضها مستمد من عقل نقى لم يصطدم بتناقضات وقسوة الواقع وبعضها أشعلته أجواء مضطربة سيطرت على تلك الفترة .. الى شابة يافعة

لم تكن تجد انطلاقها سوى فى ركض سريع او فستان قصير تملص من رقابة أمها وحرصها على ألا تبدو فتاة أو لنقل ألا تشعر بذلك .. اكان ذلك خوفا عليها أم منها؟ .. سؤال أخر لا يعنيها فى شيْ، فكيانها تشكل بفضل تلك الأسئلة التى لم يجاب عليها واعتادت ألا تبحث عن اجابات وترك المساحة لأى احتمال.

أو دعنا نتركها فارغة للأبد.
ونكتفى باختزان الأسئلة حتى …
متى؟!

أتكمن النهاية فعلا فى الموت أم أن الاسئلة ستظل مؤرقة للروح بعد فناء الجسد؟ .. ربما ان كانت تلك الروح متخمة بالأثام سيظل الأرق ممتدا وعالقا بها.

نفس الافكار اكتنفتها قبل أعوام فى نفس المكان وان كانت خالية من العمق والتكلف فى الطرح لكن شبحها كان حاضرا بقوة داخل خلايا العقل، لا تريد أن تسترجع ما كان هنا ولا أن تستوعب أنها عادت الى هنا ..فقط تريد للايام أن تمر حتى تصطدم بشىء جديد خال من تشوهات ما جرى ومن قتامة مايجرى.

دائما ما رأت المتخبطين فى الحياة يعودون الى الجذور عندما يشعروا بعجز فى تلمس الطريق، يظنون أن الرجوع الى نقطة البداية ستكون بمثابة هدنة لالتقاط الانفاس وتشحنهم بطاقة ساحرة تمكنهم من تقبل صعوبات الحياة

او ربما ستغريهم بالبقاء هناك زهدا فى أى مغانم قد يحصلون عليها من تقبل هذه الحياة .. يرون ان الابتعاد عنها وعن اغراءاتها الزائفة واللهاث ورائها هى افضل غنيمة.

لكنها لا تشعر بهذا هنا، أخر مكان قد يكون ملهما أو مأوى هو هذا المكان .. ربما لأنه لم يكن نقطة بداية ولم تشعر فيه يوما بالسكينة المألوفة مع المكان الذى شهد بداية تبصرك بالحياة على استحياء وتلكؤ وجنون .. كلا وفق ما سمحت به الظروف أو ما سمحت به أنت لنفسك.

لكنه على العكس كان نقطة انهيار ولذا التواجد فيه الان يتماشى بشكل ساخر مع نفس الحالة التى تمر بها
لاتتوقع أن تجد هنا ما يعينها على ما تواجهه
تامل فقط ألا تنجرف مع تياره الكاسح
وتحافظ على صلابتها التى لا تمتلك سواها
وتكتفى بهذا
دون مزيد من التوغل هنا أو طرح أسئلة بلا اجابات كالمعتاد.

 

بقلم المؤلف نهال خالد

اختر مغامرتك

لا تكترث للآخرين إن رغبت بسؤال ما

أ) تعرف جوابه وترغب في سماعه مرة أخرى.

ب) تحتاج لمعرفته لتقرر مصيرك.