القصر

Faculty of Veterinary, Idfina, Egypt

هل جربت يوما أن تحيا حياة الملوك؟ أعلم أن ذلك يبدو من أول وهلة كأنه حلم طفولي لطفل رأى قصصا كرتونيه عن الأمير الوسيم الذى تزوج البنت الجميلة وأخذها على فرسه الأبيض، ولكن هناك من عاش هذا الإحساس ولو للحظات، هناك فى القصر الملكى فى إدفينا حيث قصر من قصور الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان حتى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى.

كانت تملؤنى أحلام وخيالات عظيمة وأنا طفل صغير أثناء زيارتى لأهل أمى فى إدفينا عن ذلك القصر الذى تحول إلى كلية للطب البيطرى. وكيف كنت أتخيل القصر من الداخل بأروقته وساحاته حتى أننى تخيلت للحظة بأن به كنوزًا مدفونة وحلمت كأى طفل بأننى سأكون ذلك البطل الذى يعثر على هذا الكنز.
اصطحبنى خالى وهو يعمل موظفا فى هذه الكلية أقصد القصر، ووقعت عينى على أول مشهد، تلك البوابة التى تقع فى ناحية بيوت الأهالى ومنها يبدو طريق محاذٍ للنيل ملئ بالأشجار، وأخذ قلبى ينبض فرحا وأنا أشعر أنى أمشى فى طريق مشى عليه يوما ملك، ملك حقيقى. ثم بعد عدة خطوات ظهر القصر، لم يكن فى البداية كما تخيلته ولكنه كان مهيبا ويبدو عليه أثر السنين وما مر عليه من أحداث وكأنه عروس جميل يبدو عليها أثر السنين ولكن ما زال جمالها باديا واضحا.

نظرت إلى اليمين فوجدت على النيل سلالم بيضاء جميلة الشكل يسمونها (التراسينه) أخبرنى خالى أن الملك كان يجلس فيها فى فترة العصر فجريت مسرعا وجلست على الأرض وأغمضت عينى أتخيل كيف كان يشعر الملك. نسمة هواء برائحة الورود، وصوت المياه، وحفيف الأشجار، وتغريد الطيور فقط، لا ضوضاء، لا تلوث، حقا إنها حياة الملوك.

ثم انتقلنا إلى حديقة القصر، حديقة كبيرة مليئة بالأشجار قيل لى أن بها أشجارًا أتوا بها من أوروبا خصيصا من أجل الملك ويبدو عليها أن هناك من يعتنى بها اعتناء جيدا، وتبدو فعلا كحدائق القصور التى أراها فى الأفلام، ولكن تأثرت كثيرا بالطبع من مستخدمى القصر على مر العصور.

ثم انتقلنا إلى داخل القصر كان على أن أعمل خيالى كثيرا فقد كان مليئا بالأثاث وتغيرت ملامحه، ولكن هنا المدخل الرئيسى وهناك قد يكون حيث يتناول الملك غدائه، وهناك فى الأعلى بعد الصعود على السلام الرخامية تقع الغرف الكبيرة الواسعة حيث ينام الملك وحاشيته، وبالأسفل غرف الخدم والمطبخ، ولكن للأسف بعد بحث طويل لم أعثر على هذا الكنز الخيالى، ولكن ما زلت أتذكر حتى اليوم كم كنت سعيدا ومستمتعا وأنا أشعر أنى أحيا ولو للحظات قليلة، حياة الملوك.

 

بقلم المؤلف محمود فوزى طه عثمان

اختر مغامرتك

سأل ماجد والده: “ما الذي عليّ فعله لأصبح يوما ما إنسانا؟

أ) أن أُقلد البشر في حياتهم وأحاكي أساليبهم؟”

ب) أن أعثر على الكلمات السحرية التي تعزز شعوري بأنني إنسان؟”