كان يجلس سامى فى حديقة الجزيرة المجاورة لدار الأوبرا المصرية حيث كانت تطل الحديقة على نهر النيل ويرى من حوله المبانى العالية والمراكب العائمة التى تنير ظلام النيل الهادئ فى الليل بألوانا زرقاء وكان يسمع الموسيقى الصاخبة التى يعلو بها أصحاب المراكب فى رحلاتهم النيلية القصيرة التى كانت تطوف بالسائحين وأبناء هذا النيل لتنسيهم الام حياتهم اليومية لمدة لا تزيد عن نصف ساعة ثم تعود بهم الى كأبة الحياة مرة أخرى ولكن سامى لم يكن يستمع الى موسيقاهم لقد كان له موسيقاه الخاصة التى يسمعها من على الأنترنت فأنه عالم يأخذك من عالمك الحقيقى الذى يجبرك أن تسمع وأن تكتب وتعمل وتتعلم مثلما هو يريد ولكن العكس تماما فى هذا العالم السحرى الذى تختار أنت أى طريق تحب تمشى فيه أى مكان تحب أن تستمتع فيه بوقتك أى موسيقى تحب أن تستمع لها لقد كان سامى يختار أقرب الأماكن هدوء وأرتياحا الى النيل ويستمع الى موسيقاه ويشرب شئ ثم ينصرف الى حياته مرة أخرى وفى مرة من مرات جلوسه الطويل فى هذا المكان حدث ما كان يتمناه قد سمع ضحكات تأتى ...اقرأ المزيد
مصر
قصص قصيرة
الغريب
مع ضرب أول معول في حفر قناة السويس بدأت قصة مدينتي، وعرف المصريون والأجانب طريقهم إليها، كما عرفوا طريقهم إلى الحياة فيها والموت على أرضها..
في أقصى نقطة غرب المدينة وعند مدخل شاطئ “الجميل” تُقابلك بوابات مقابر مدينة “بورسعيد” القديمة وهى على الترتيب: الكومنولث، الكاثوليك، الأرثوذكس، يليهم خمس بوابات لمقابر المسلمين، بخلاف خمس بوابات أخرى أُنشئت حديثا بالقرب من “عزبة أبو عوف” على أطراف المدينة ..
في خطوتي الأولى داخل مقابر الأجانب، وعلى أول ضريح فيها التقيت بسطور شعرية رهيفة مجللة بالحزن: ابني الحبيب/ أرقد بسلام/ تحت هذه الأرض الغريبة/ بعيداً جداً/ عن أحبائك/ الذين يبكون من أجلك .. وهى سطور مرسلة إلى الرقيب J . R marchello من والده، بعد أن ودع حياته خلال الحرب العالمية الثانية ..
في خطوتي الثانية زالت عنى رهبة الموت ووحشته وشعرت بجلال لحظة غروب حياة الإنسان الأسين، فالمقابر أقرب إلى واحة هادئة وسط ضجيج الحياة حولها، ومغطاة عن آخرها بالأعشاب الخضراء المهذبة والمنسقة تنسيقاً خاصاً وبديعاً، وتتوزع الورود بين الأضرحة كرسائل حب معطرة إلى المحاربين القدامى الذين لقوا حتفهم في الحربين العالميتين ..
ومن باب حديدي صغير دلفت إلى مقبرة ...اقرأ المزيد
أبي و(كورنيش المنصورة)
لم يكن وقتها في ذلك المساء الثمانيني هو نفس الرجل ضيق الصدر، غليظ الصوت، صارم النظرة بل كان رجلاً مختلفاً .. كان شخصاً يليق بكورنيش نيل (المنصورة) في مساء الثمانينيات .. حتى وأنت طفل في الابتدائي يمكنك أن ترصد هذا التغيير الذي قد أن يطرأ على أبيك في لحظة غير متوقعة .. ربما تشعر حتى بقدر من الغربة المفاجئة بينك وبينه .. نعم .. لم يكن هو أبي التقليدي ذلك الذي كنت أسير في صحبته بخطوات متمهلة، تتخللها أوقات وقوف تسمح بتركيز البصر على الجانب الآخر من النهر .. أسمع صوتا غير مألوف يخرج من بين شفتيه: (هذا هو جامع “البنا”) .. انظر حيث أشارت عيناه .. قبة يتوهج اخضرارها بخفوت مهيب وسط الظلام الذي يحتوي هذا الجزء من (طلخا) .. كان صوته هادئاً، وذلك ما يفسر شعوري بعدم اعتياده .. لكنه لم يكن مجرد صوت هادىء فحسب .. كان فائضاً كذلك بمزيج ساحر من البهجة والحزن .. صوت يحتفل بالحنين كما يجب .. كنت أنصت بشغف طوال الوقت لأبي وهو يحكي لي عن هذا الجامع وعن النيل الذي كان يمتد اتساعه ...اقرأ المزيد
“أم جحش”
كأي عامل بوفيه اتبع أوامر مديري ذو الكرش الذي يبدو للناظرين وكأنه قد اصيب بمرض خبيث، يتبعني كظلي مع أن الظل احياناً يكلّ مللاً من شقاء صاحبه ذهاباً واياباً، احمل علي عاتقي عشرات الأطباق من بهو المطعم فور انتهاء الزبائن متجهاً لساحة الغسل البدائية والخالية من كل أدوات التعقيم والغسالات التي توفر الجهد والوقت
تباً لهؤلاء … وأظل ارددها مقترنة بعبارة سحقاً وكل العبارات البذيئة طبقاً طبقاً بين اناملي التي اهترأت بلا مقابل يسدّ شظف العيش أو يدفعني لتحمّل ضجر المدير الذي يوسعني سباباً دون سبب وتأففاً يتبعه أطالة الأيدي أحياناً ان رءاني قد تسللت الي المطبخ الكبير المنفصل عن ساحة الغسل، تباً لهؤلاء … يستكثرون علي مرمطون المطعم وجبة دسمه تعيد بناء طاقته وتشدّ أوردة جسده التي لم تري مذاق الأسترخاء!
………….. – – – – ……………….
“أم جحش”، صاحبة المطعم الشهير بدعايته التي تشغر الشاشات الاعلانيه بميادين القاهره هي الوحيدة التي التمس عطفها وقت زيارتها الأسبوعيه لمباشرة أمور الأدارة والمستحقات الماليه، تمنحني نفحاتها بما يكفيني واسرتي ويذيد، وتظل زوجتي تدعو لها وصغاري يرددون من خلفها وهم يتعثرون مضغا بما لذّ ...اقرأ المزيد
عندما قامت الثورة فى قريتنا!
فى قريتنا، كل شئ منظم وموضوع فى مكانه، النهر، الأشجار، البيوت الريفية القديمة، كل جزء يكمّل الآخر لتكتمل اللوحة المبهرة، سرب من طيور الحسون يعزف أعذب ألحانه ويتناقل بين الأغصان مع انفاس الفجر، فيستنشق شذاها عبير الرياحين، ووريقات الشجر التى تلحفت بقطرات الندى، لا أتصور أنه بإمكان أمهر الفنانين أن يجمع هذا المكان المذهل فى لوحة!
كل شئ فى المكان كان هادئاً مثل هدوء الصمت، بل إن للصمت ضجيج وانا لا أذكر أن سمعت ضجيجاً فى هذه الجنة الأرضية، كانت الأشجار أيضا تعيش فى هدوء شأنها شأن أهل القرية، ولم يُفسد هدوء هذه الأشجار سوى أطفال قاموا بقطع أفرعها الصغيرة لصنع طائراتهم الورقية
لاحقا، هبت علي رياح متربة قوية، فاقتلعتنى من خيالاتى، سرعان ما جاء رجال غرباء لم ألحظهم من قبل هنا، وجدتهم يشرعون فى قطع بعض الأشجار الكبيرة، يعاونهم فى ذلك بعض الفلاحين من اهل القرية، قاموا بحمل الأشجار الصريعة على ناقلة كبيرة ثم انطلقوا بعد أن أعطوا الفلاحين شيئاً يبدو أنه مال، بل هو المال فعلاً، فقدت سمعت أحدهم عندما إقتربت منهم يقول: “كان المفروض يدونا مية جنيه كمان”، ...اقرأ المزيد
الحلم المقدس
صوت الطلقات المتتالية تدوي كالرعد… الحرارة الحارقة تجتاح كل شيئ.. والرياح تبعثر الرمال.. في مشهد كابوسي في تلك البقعة من سيناء، نقطة حراسة بجنوب الشيخ زويد.. الأكياس الرملية تحوط المبني الصغير كحصن.. في قلب المبني الصغير تسمع صوت اللهاث والأنين المكتوم.. تقترب فتري الجندي الهزيل المكوم ممسكا ببطنه والدماء تغرق سترته ويده وأخذت تقطر علي الملاط المترب.. زميل هزيل آخر متكوم بجواره فاقد الحياة.. ونصف جمجمتة مفقود غارق في بركة اللون الأحمر المرعب.. نظر المصاب برعب وتساؤل للضابط الشاب الذي رقد منبطحا امامه يعصر بكفيه بندقيته الآلية برعب كانه يحلب منها الأمان…انهمرت دفعة اخري من الرصاصات تطايرت لها الشظايا الأسمنتية عليهم كمطر من الجحيم…فهتف الجندي المصاب بصراخ امتزج فيه الألم بالخوف.. فصرخ الضابط الشاب بفحيح مكتوم:
– تماسك ايها الجندي.. هم مجرد جرذين يطلقون النار من فوق التبة ..تماسك ..امسك بندقيتك وتعامل مع الهدف
غلبه القهر والألم فقال بين دموع وشهيق:
– لا استطيع يا سيدي سامحني..سأموت ككلب شوارع دون ثمن..
زحف الضابظ الشاب بسرعة تزامنت مع ثلاثة طلقات انطلقت نحوهم.. وأقترب حتي صارت انفاسه تلفح وجه الجندي ثم ...اقرأ المزيد
ذاكرة البحر
كنت في طريقي المعتاد يومها، إلا إن البحر كان يبدو مختلفاً.
وقفت أتأمله. كان الجو عاصفاً، إلا إنه كان في أبهى حالاته، كلوحة من درجات الأزرق تغطيها السماء بزرقتها الخاصة، يتخلل هذه الزرقة سحب وأمواج بيضاء تزيد اللوحة سحراً وتناغماً.
أنظر للبحر فيغمرني الاسترخاء. وعلى الرغم مني، أغوص في ذكرياتي، فيأتيني منها ما اعتقدت أني نسيتها، أو أخرى جاهدت كثيرا لأنساها.
كم أنت غريب أيها البحر! منذ آلاف السنين تستمع إلى حكاياتنا وتشهد معنا حيواتنا، إلا إنك ما زلت ساحرا ومهيبا. ترى كم شخص وقف في هذه البقعة قبلي ليحدثك كما أفعل الآن؟
**********
وقف الإسكندر على شاطئ البحر في هذه المنطقة من أرض مصر ينظر إلى الأفق مفكرا في الشاطئ الأخر.
نظر للمياه وزفر متذكراً النصر الذي حققه منذ أن بدأ حربه ضد الفرس. كم يتوق للعودة إلى مقدونيا ويشتاق إلى حياته التي كانت. لكن الأقدار لا تأتي دائما بما نبغي، فها هو قائد جيوش في حرب لا يعلم متى تنتهي.
وعلى الرغم من انتصاراته إلا انه مازال يتوق للعودة. يستزيد دائما من الانتصارات لعلها ترضيه بلا فائدة. وبكل ما يحمل في أعماقه من حنين للشاطئ الآخر، تلفت حوله متأملا تلك المنطقة وفكر “ربما تكون هذه ...اقرأ المزيد
موعد على ضفاف النيل
إبتسامة لامعة تظهر لمعان الأسنان. بريق عين يخترق شغاف القلب. حنو ولهفة ومرح عند اللقاء…أسلحتي كلها مشهرة وجاهزة للإستخدام. أنظر الى الساعة. ما زال هناك وقت. أنظر إلى إنعكاسي على زجاج سيارة متوقفة. ألاحظ أن الهواء قد عبث قليلاً بشعري. أخرج مشطاً صغيراً أعدل به ما أفسده الهواء. أنظر الى حذائي. متسخ قليلاً. أنحني ممسكاً بمنديل ورقي. ألمع الحذاء بسرعة.
سوف نسير سوياً في البداية بجوار النيل. سألفت نظرها الى لون الشفق ومنظر غروب الشمس وسحر عينيها ونعومة شعرها وجمال جيدها… أنظر الى الساعة. يقترب الموعد أكثر. أنظر حولي وكأن هناك إمرأة تأتي قبل موعدها…..بعدما نسير قليلاً سأجلسها على السور الحجري المطل على النيل. سأظل أنا واقفاً أنظر إليها. أتأملها. أملي نظري منها. سأقول شعراً في شفتيها ونثراً في أنفها وأغاني في أذنيها. وإذا جاز لي القول سأغني مواويلاً في جسدها. سوف تبتسم في حياء أو قد تضحك وهي تطلب مني التوقف. أو الإسترسال.
أعتقد أني أراها قادمة من خلف تلك الشجرة الضخمة. أمعن النظر ثانية. تشبهها فقط….سيهبط علينا من حيث لا ندري بائعو المياه الغازية والفول السوداني وذلك الولد الذي يحمل السميط والبيض وتلك المرأة حاملة الفل والعجوز الذي…..
سوف تظل جالسة على سور الكورنيش يطوق جيدها الفل. في ...اقرأ المزيد
كتلة خرسانية ترى البحر
هذه المرة قررتُ أن أتغير فعلا. فالأحداث العامة الكبرى تُغيِّر من شخصية الإنسان بلا شك. وإن لم يتغير الواحد منا بعد أحداث كهذه فمتى يفعل؟ أقول: هذه المرة قررتُ أن أتغير فعلا. وها أنا الآن أكسر مدار يومي الثابت فأخرج من مقر عملي لا إلى مقر إقامتي بل إلى البحر.
منذ سنوات وأنا أحلم بأن تكون هذه التمشية فقرة دائمة في اليوم. فأنا أحب البحر، ليس كما يحبه الناس، فالكل يقول إنه يحب البحر، لكنني أحب البحر فعلا. فأنا أحب الجلوس أمامه والسباحة فيه وأحلم دائما بتملُّك شقة كبيرة في طابق عالٍ ترى البحر مباشرة. بل أحبه إلى درجة أنني أتلذذ بأكل كل أنواع السمك تقريبا. لكن إن سألتَني عن أكثر ما أحبه فيه أجبتكَ بلا تردد: أحب اتساعه الهائل ورحابته اللامحدودة. وأذكر أن أحدهم قال إن كلمة “بحر” هي مقلوب كلمة “رَحب”، وهي ملاحظة ذكية أعجبتني.
أقول: أحب البحر فعلا، لكنني رجل متزن وأعلم أن لكل شيء عيوبه، ومن أكبر عيوب البحر ذلك الرذاذ الذي بدأ يستقر على زجاج نظارتي. ألا يستطيع البحر أن يدعني أتمشى بقربه دون أن يرشَّ نظارتي ووجهي ...اقرأ المزيد
الظل لا يعكس الحقيقه
شاب في الثلاثين من عمرة يعيش في احدي المحافظات الساحلية يهوى الرياضة ومن سنوات ليست بالقليلة يسعى لإيجاد عمل مناسب يحقق له احلامة حاول مرارا وتكرارا العمل سافر إلى الغردقة وشرم الشيخ والإسكندرية وأجرى اختبارات ومقابلات وكان يسمع دائما المقولة المعروفة مستر احمد سوف نتصل بك وبرغم تفوقه في الدراسة وحصوله على ليسانس الحقوق بتقدير جيد لم يجد اى فرصة للعمل والحياة وأخيرا تحقق الحلم بعد مرور عدة سنوات وحصل على الوظيفة التي كان يحلم بها نظر في ساعته وابتسم وارتدى أجمل ملابسه باقي اقل من ساعة ويتحقق حلمه في العمل، كسائق خاص بمرتب ضخم لدى إحدى سيدات الأعمال وصل في موعده، ودق جرس الباب فتحت له سيدة المنزل امرأة فى العقد الرابع من عمرها، فيها لمسة جمال وحزن غريب وأشارت بيديها ليدخل وينتظر، ودخلت غرفتها لتغير ملابسها.. بدون وجل ولا خوف ولا ارتباك حني أنها لم تغلق باب غرفتها خلفها .. وثارت مصريتي في داخلي .. وسألت نفسي .. أية ده .. هى الست دى مش خايفة لسمح الله أدخل عليها وهى تغيير ملابسها .. ويحدث ما يحدث … إى ده الكلام ده مش ...اقرأ المزيد