مصطفى شاب تجاوزالعشرينات من عمره ..خريج احدى الكليات..ارتبط منذ سنوات دراسته الاولى بزميلته هيام .. وما لبث ان تخرج حتى حول علاقتهما الى علاقه رسميه.. فقد تقدم الى خطبتها من والدها الموظف المرموق الذى لم يرحب بالفكره خاصة وان مصطفى لم يعمل بعد ..الا انه امام اصرار ابنته لم يجد بدا من الموافقه
مرت شهور .. ولم يتغير الحال.. يبحث عن عمل مناسب لكن دون جدوى..
ذات ليله ممطره استقبل هاتفه المحمول مكالمه من حبيبته..اخبرته ان والدها يريد فسخ خطبتهما..واخبرته انها ستضطر لقبول رأى والدها بعدما ضاق بيها الخناق..
اصيب مصطفى بمزيج من الذهول وخيبه الامل..حبيبته هى الوحيده التى كانت تسرى عنه وتشد من أزره..ستذهب ولن يعد لها وجود ..شعر ان حياته لم تعد لها قيمه وراودته فكره التخلص منها..ولم تلبث ان تحولت فكرته الى قرار!
خرج من بيته..لم يكن الوقت بالمتأخر ولكن هطول الامطار ساعدت على خلو الشوارع من الماره..استقر به الحال اعلى كوبرى يطل على نيل مصر الساحر.. تردد لحظه..ونظر حوله وكانما يتأكد ان لا احد يراقبه .. ثم اتخذ قراره وألقى بنفسه من اعلى الكوبرى..
-لا حول ولاقوه الا بالله
-اسرعوا بالاسعاف
تلك هى الاصوات التى تناهت الى مسامعه وهو نائم فاقد الوعى تقريبا..وبدون ان يفتح عينه.. بدا وكأنه يحدث نفسه..يالله..لقد فشلت حتى ف التخلص من حياتى وكما لو أن الفشل يصر ان يلاحقنى دائما..
فتح عنيه فجأه وسط دهشه الماره من حوله..ثم هب واقفا وانطلق يعدو تاركا الناس وسط ذهولهم التام!!
مره اخرى بلا هدف محدد يتجول ف الشوارع ..كان يشعر بإحباط شديد..
فجأه لمعت عيناه ببريق الظفر..فقد لمح امل نجاته يتألق على الارض المبلله..وكان امله ذلك يتجسد فى سلك..مجرد سلك عارى انقطع من عموده الكهربائى..
اقترب منه فى بطء شديد..وعلى وجهه باتت ملامح الذعر..لكنه تذكر خيباته وفقدانه لحبيبته حتى شحذ همته واتخذ قراره..مد يده ناحيه السلك..ثم لدهشته ارتفع رنين هاتفه..لم تكن الدهشه سببها رنين هاتفه ولكن الدهشه ان هاتفه كان لايزال يعمل بعد سقطته الاخيره ف مياه النيل..ولحسن حظه ان جراب الهاتف الجلد حماه من تخلل البلل اليه.. تردد ف البدايه اجابتها..ولم يلبث ان تغلب عليه حنينه اليها.. فاجاب لرنات هاتفه ..
-حبيبى..هددتهم باضرابى عن الطعام لو اصروا ع فسخ خطبتنا..فأنت لى وانا لك..سنتحدث كثيرا لاحقا..
كان يجيبها بمجرد همهمات خافته..ومالبثت ان اغلقت المحادثه حتى زفر ف ارتياح..لقد كان يحبها حقا..ويحب ان يكمل حياته معها..وعلى ذكره لكلمه اكمال حياته مع حبيبته..حتى نظر الى السلك مذعورا وابتعد عنه ف رعب..انه لا يريد ان يموت..لا يريد ذلك ابدا..انه يحب الحياه مادامت بصحبة حبيبته..
انطلق يعدو ف خطوات واسعه..مبتهجا فرحا..يحلم بحبيبته وكأن الدنيا اصبحت لونها وردى ف عينيه..
لازال المطر ينهمر..ولازال يسير فى خطوات مرحه واسعه..ومالبث ان انحرف ليدخل الى شارع اخر..لم ينتبه الى تلك السياره المسرعة القادمة تحت قطرات المطر..حتى ارتطمت به ف عنف..ليسقط جسده صريعا وسط الطريق!
بقلم المؤلف احمد محمود ذكى