بداخل كل منا روح تميزه عن غيره لها ما يسعدها، يملؤها بالراحة والأمان، يمنحها سكينة خاصة، ما يملأ روحي بالسكينة ويشرح صدري هو رؤية الزرع الأخضر بكل أنواعه ودرجاته ومراحل نموه، الأشجار وظلالها، النخيل وشموخه، تمنحني تلك الأشياء مع اقترانها بحالة من الهدوء وبعض الزهور الجميلة راحة وهدوء وطاقة إيجابية تجعل قدرتي علي العطاء والتفاعل مع الحياة في أعلي الدرجات.
قمت بشراء مزرعة في منطقة صحراوية تم استصلاحها وزرعها برتقال صيفي وليمون، وعندما تعرض صديق لي لأزمة صحية؛ وبعد أن تعافي منها، دعوته هو وأسرته وعددًا من الأصدقاء لقضاء يوم في تلك المزرعة، وذهبت إليها أكثر من مرة للتجهيز، فاستطلعت المكان وعرفت تضاريسه، حيث عرفت أن له مدخلين، أحدهما يؤدي إلي ممر (مشاية) بين الأشجار حتى منتصفها حيث توجد ماكينة الري، وبجانب البئر الذي تسحب منه الماكينة المياه شجرة توت، ويضيق الممر بين الأشجار حتي نهاية المزرعة، والمدخل الثاني يؤدي إلي عدة مبانٍ، مظلل بشجر العنب المتسلق علي أسلاك مثبتة علي أخشاب قائمة في الجانبين، فتمر السيارة من تحته، وعلي يمين المدخل تم عمل قاعدة مستديرة تعلو الأرض، مظللة بأشجار لها زهور متعددة الألوان ومتسلقة علي أخشاب محيطة للقاعدة المعدة للجلوس كأنها مائدة مستديرة، ويتسرب الضوء بطريقة هادئة شاعرية ناعمة من خلال أوراق الشجر والزهور إلي الجالسين، وتم وضع السيراميك علي الأرض في ممر الدخول والممر المؤدي إلي تلك المائده المستديرة حتي يخلو المكان من الأتربة، يؤدي المدخل إلي المنزل المخصص للمالك وهو يعلو بعض الشئ عن الأرض، ثم سور يحيط بعدة مبانٍ؛ مبني العامل، مبني لبرجي الحمام، عدة مبانٍ مجهزة لتربية الحيوانات والطيور، ولهذا السور باب يؤدي إلي المزرعة وآخر يؤدي إلي بيت المالك، وأمام بيت المالك قطعة أرض تنوعت الزراعة بها ما بين أشجار فاكهة متنوعة وشجرة توت ونخيل الذي ينتشر أيضا علي جانبي الممشي إلي منتصف المزرعة.
كان علي أصدقائي أن يستقلوا أتوبيس من طريق الإسكندرية الصحراوي (الكيلو 112 الإسكندرية-القاهرة) مدخل يسار يؤدي إلي محافظة البحيرة في طريق متعرج حيث ينحرف يمينا، ثم أول يسار، ثم يمينا، ثم أول يسار، ثم يمينا، ثم أول يسار حتي يجدوا مسجدًا يسمي مسجد النعيم بجانبه توجد مزرعة كبيرة للدواجن، بعدها توجد المزرعة الخاصة بنا، وتم استقبالهم وعمل أكثر من مرجيحة للأطفال بالأحبال والخشب علي أفرع الشجر استمتع بها الكبار والصغار، وكان شجر البرتقال مازال يحمل بعض ثماره فمارس الجميع هواية جمع البرتقال، وقاموا بتقسيم ما تم جمعه بالتساوي بينهم، وقاموا بالتصوير بين الأشجار والورود وأبراج الحمام، وتناولوا التوت من الشجر، وجمعوا أعوادًا من النعناع المزروعه حول المنزل، وأوراق العنب لعمل المحشي، مر الوقت سريعا، وتواعدنا جميعا علي إعادة هذه الرحلة لننعم بتلك الراحه النفسية والانطلاق والحيوية، فنعم الله لا تحصي، فقد وهبنا الطبيعة الخلابة وسخرها لنا، ووهب لنا الود والمحبة والصداقة الذين بهم تحلو الحياة، الحمد لله علي كل ما وهب.
بقلم المؤلفة هناء عبد الهادى