نظرت سعاد من شباك غرفتها بشرود و كثير من التفكير , لم تتمكن أصوات الأغاني العالية الصادرة من جهاز التسجيل من إخراجها من من تفكيرها العميق , أمسكت بخصلات شعرها السوداء و تلمست وجهها بشئ من الهدوء و قد أكتست بشرتها القمحية القليل من الحمرة على وجنتيها حينما زارتها كل تلك الذكريات القديمة .
نظرت بعيناها العسليتان لغرفتها التي ملئت بكل تلك الهدايا المتناثرة, فأختها الصغرى مريم ستتزوج اليوم و لم تتحمل غرفتها كل تلك الهدايا التي جائتها من عريسها المتغرب بالخليج , هبت تلك الرياح الساخنة التي أعتادت مدينة عدن اليمنية على إستقبالها في مثل هذا الشهر من كل عام , و اخذت تتسائل سعاد في نفسها هل ستفرح اليوم أم أن الحزن كُتب عليها طوال حياتها.
تفاجأت سعاد و هي تتذكر رائحة الحنة حينما رأت علبة الصباغ السوداء على الطاولة الخشبية , تلك الرائحة التي جعلتها تتذكر حبيبها علي التي لم تتمكن من نسيانه مطلقاً , عاشت سعاد مع والدها الموظف في مصلحة المياه و والدتها التي قررت الخروج من المعاش بعد 25 عام كمدرسة في إحدى المدارس الثانوية في كريتر , كانت تشعر بالغبطة و السعادة بانها تعيش مع اسرتها الصغيرة المنفتحة التي منحتها الكثير من الحرية و أيضاً الثقة.
و لكنها فجأة و جدت نفسها تعيش أصعب تجربة تمر بها بعد أن أحبت ذلك الشاب علي , وجدت سعاد نفسها منجذبة لذلك الشاب الأسمر ذو القامة الطويلة التي اعتادت على رؤيته كلما مرت من سوق العمومي و هي عائدة من كليتها , انجذبت في بادئ الأمر لهدوئه الشديد الذي يشبها إلى حد كبير , بينما كانت لباقته و سحر حديثه السبب وراء وقوعها في حبه , أصبحت مدمنة على شراء الحنة السوداء من متجره المتواضع الذي يبيع فيه كل ما يخص بمستحضرات التجميل النسائية و لكنها كلما كانت تقوم بزيارته كانت تكتفي بشراء الحنة , تبادل الاثنان النظرات الطويلة و الإبتسامات الخجلة حتى تيقنا بأنهما وقعا في الحب .
أصبحت سعاد تعشق سماع اغاني الحب و تلك الموسيقى الرومانسية بل و أخذت تبحث بكل شغف على روايات العشق بالأنترنت , هامت بحبه بشدة و لم تعد تكترث بتعليقات صديقتها افراح التي أخبرتها بأن الحب بينهم مستحيل ، تمسكت سعاد بحبها الرومانسي و هي تتدافع عن علي بأن الحب لا يعرف اللون و العرق , لم تكترث بأصله المتواضع كما يحدده المجتمع و لم تبالي بأسرته الفقيرة التي تسكن بأحدى احياء البساتين الفقيرة , لم تكترث بمستواه التعليمي و عدم قدرته على إنهاء تعليمه الأساسي فيكفي ثقافته العميقة و كلماته الساحرة التي تلهب مخيلتها عندما تتحدث معه بالهاتف.
عاشت سعاد تلك الأشهر الجميلة تكتفي بالساعات الحديث الطويلة التي تقضيها مع حبيبها الأسمر كما كانت تحب أن تناديه و لم تعد تكترث بكل تلك التحذيرات التي اخبرتها بها صديقتها , لم تفق سعاد سوى على صرخات والدتها و والدها أيضاً حينما علما بقصة حب إبنتهم الكبرى من شاب من عرق آخر لتتحول حياتها إلى كابوس, توقفت حياتها تماماً حين منعت من جامعتها و أصبحت اسيرة منزلها ,رن هاتفها عن قدوم رسالة جرت سعاد باللهفة لترى من الراسل , دمعت عيناها و ابتسمت حينما رأت اسمه و هو يقول لها( أحبك رغم لوني).
بقلم المؤلفة أمل مهيوب