ساعات باقيات وتقف على عتبات العيد.
ماذا أعددت لهذا اليوم!؟ هل تزمجر في وجوه الأطفال لاعنا اليوم الذي جاءوك فيه؟!!
يتحلقون أمام علب الحلوى، يرفضون العودة حتى تشتري لهم.
هذا العيد ينكأ جراحك التي يعجز العام على مداواتها.. تتكالب سهامه على قلبك.. يضيع منك التفكير وتلوذ بصمت أخرس، يقطعه دخان سيجارتك التي تمجها في سماء غرفتك المسقوفة بالصفيح.
هل اختصرت شيئا تدسه في أيدي أخواتك، أم حسبت حسابك لطبخة تشبع أطفالك الذين تحرث الحسرات قلوبهم ولا تجيب على تساؤلهم الملحاح: لماذا لا تشتري لنا خروفا يا أبي؟
يكفيك طير دجاج تُسكت نظراتهم، وتوقف مصمصة شفاههم أمام بيت الجيران.
هذا الدجاج، لن يقوى وابورك على إنضاجه، ستحرق زوجك دقائق اليوم، تدكه حين تموت ناره في زحمة صراخ المتحلقين، يعلو صراخهم على زعيق الباعة يروجون لألعاب العيد.
ستحرن زوجك، ولن تذهب لبيت الجيران تستلف طنجرة الضغط.
إنها من دم ولحم، ولن تسمح لزوجات الموسرين غمز جانبها،
قد يفرجها الله عليك، وتجد أخواتك غادرن بيوتهن فتوفر على نفسك هذه الليرات.
إن قدر لك أن توفر بضع ليرات، فلن تتوانى عن شراء فستان لزوجتك، وستفرك في ...اقرأ المزيد
Author: Rita Tapia Oregui
قبر
الزهزقة
وقف فلان مقابل زجاج الموبايل، ناظراً نحو جنح الليل، إطار ثلج أحاط الشارع المظلم. على ذمة موبايله. الكهرباء مقطوعة منذ أسابيع، و المتبقي من التكنولوجيا في منزله هو موبايله الذي كلفه ثلاثمئة دينار، راتبه الشهري. توجه الى المطبخ متبعاً الإنارة الرديئة من الشموع المترامية. داس على شمع ذاب لتوه، لعن الشمع و النيران، و ضحك على الموقف. قُل ما تشاء عن فلان لكنه يرى الفكاهة في كل شيء، عندما رأى زوجته تخونه و عندما شتمه ابنه وراء ظهره أمام الجميع، كل شيء مضحك بالنسبة لفلان. ضحك ثم لعن الكثير من الأشياء قبل وصوله الى الثلاجة التي لا تُبرِّد، ليلتقف زجاجة ماء لا تروي، ليطفأ عطشاً لا يُشبَع. ضحك عندما رأى انعكاسه على شاشة موبايله، و ضحك وجهه القبيح له، ثم كتب على موبايله ما حصل للتو. توجه الى غرفة النوم و أمسك كتابه المفضل، الكتاب المهترئ، توسده و شخصت عيناه أمام ضوء موبايله الساطع.
استيقظ أمام شاشة تلفاز معتمة حدقت به بلمحة من العتاب، مر طيف ابتسامة و وقف ليغلق التلفاز. عندما وصل اكتشف أنه لا داعي لذلك. طيف الابتسامة أمسى ضحكة، عويل أو ...اقرأ المزيد
في زمن من أزمان المدينة الوردية
كنت أشعر برغبة ملحة في الجلوس على الرمال الصحراوية المالحة، وبريق من شعاع الشمس الوليدة ينسل من بين الصخور المتلاقية أذرعها على صفحة من قوارير، لم يخطر في بالي أن أمشط هذه المدينة الواسعة من إلى على ساقيين نحيلتين وشعري الأشقر ينسدل على كتفي، وقد واريت جزءه العلوي، للتو أسقط الزمن بين يدي مخطوطات العالم القديم، عندما وقعت عيناي عليها في إحدى دور المزاد العالمي مخطوطة لدوي 1830.
رأيتها، نعم مخطوطة صفراء بالية لكنها توثق هذه الحقيقة الماثلة أمام عيني والقائمة منذ 400 قبل الميلاد، شعرها الأرجواني متوقد وقد وارت بعضه بقطعة قماش عليها ما يشبه النجوم الحمراء، جعلت أبث كل خواطري إلى تلك المسدلة شعرها الأرجواني قبالتي من البيوت المعلقة وهي تصف للمرأة حسنها وجمالها وقد قبلتها الخالة على خدها الأيمن لتغدو ثنايا وجهها مبتلة بحمرة وردية.
انحنت تمام جمالها أشعة الشمس الذهبية لتزينها ببريق فريد، كان فتيل حبها أول ما صرخ بين أضلعي ووقفت أمامها مبهورا كما وقفت أمام صفحة البتراء، التي فاقت مثيوغليفا الصور، عندما طرقت المكعبات الثلاث ووادي الجن، كانت المسلة تتراقص على شمالي وأنا أهز ما علق في ذاكرتي من بقايا المخطوطة.
سكرت بطعم الرطوبة وقنوات الماء القراح وهي تختزل المدينة بأكملها حتى هذا السيق الطويل ...اقرأ المزيد
لماذا “فلسطين”؟
نحن ندرك أن الأمر يتعلق بقضية شائكة، ولكوننا لا نرغب في إشعال العواطف كلما تقدمتم في قراءة هذا النص آملين في العثور على آراء قد تؤيد آراءكم في عرضنا، قررنا عدم تأجيل خيبة الأمل التي تنتظركم. إنّ فريق القصص العربية لا يرغب في وضع أحكام قيمية ذات طابع سياسي على موضوع مثير للجدل كموضوع فلسطين. غير أنه ولكون القرارات لا مفر منها في هذه الحياة، وأن الأمر قد يزداد سوءا إذا كانت القرارات التي يتخذها المرء لا تنبني على أسس يستطيع التعبير عنها بجمل مترابطة وتراكيب متناسقة، فإنّ فريق القصص العربية سيحاول أن يشرح فيما يلي سبب قبوله في المسابقة لقصص تدور حول أماكن يعتبرها المجتمع الدولي، في الوقت الحاضر، تتواجد في الأراضي الإسرائيلية، وبالتالي، خارج العالم العربي.
كون هذا المشروع يهدف إلى ترويج اللغة العربية وآدابها، فإننا اعتمدنا على المعايير اللغوية. اللغة العربية الفصحى هي اللغة الرسمية الثانية في إسرائيل، وبغض النظر عمّا قد يبدو على المستوى الشخصي، فإنّ نسبة الناطقين باللغة العربية في علاقتها باسرائيل والأراضي المتواجدة ضمن حدودها بما يقصد في ...اقرأ المزيد
ذاكرة البحر
كنت في طريقي المعتاد يومها، إلا إن البحر كان يبدو مختلفاً.
وقفت أتأمله. كان الجو عاصفاً، إلا إنه كان في أبهى حالاته، كلوحة من درجات الأزرق تغطيها السماء بزرقتها الخاصة، يتخلل هذه الزرقة سحب وأمواج بيضاء تزيد اللوحة سحراً وتناغماً.
أنظر للبحر فيغمرني الاسترخاء. وعلى الرغم مني، أغوص في ذكرياتي، فيأتيني منها ما اعتقدت أني نسيتها، أو أخرى جاهدت كثيرا لأنساها.
كم أنت غريب أيها البحر! منذ آلاف السنين تستمع إلى حكاياتنا وتشهد معنا حيواتنا، إلا إنك ما زلت ساحرا ومهيبا. ترى كم شخص وقف في هذه البقعة قبلي ليحدثك كما أفعل الآن؟
**********
وقف الإسكندر على شاطئ البحر في هذه المنطقة من أرض مصر ينظر إلى الأفق مفكرا في الشاطئ الأخر.
نظر للمياه وزفر متذكراً النصر الذي حققه منذ أن بدأ حربه ضد الفرس. كم يتوق للعودة إلى مقدونيا ويشتاق إلى حياته التي كانت. لكن الأقدار لا تأتي دائما بما نبغي، فها هو قائد جيوش في حرب لا يعلم متى تنتهي.
وعلى الرغم من انتصاراته إلا انه مازال يتوق للعودة. يستزيد دائما من الانتصارات لعلها ترضيه بلا فائدة. وبكل ما يحمل في أعماقه من حنين للشاطئ الآخر، تلفت حوله متأملا تلك المنطقة وفكر “ربما تكون هذه ...اقرأ المزيد
الزيتونة والغريب
وضع يديه تحت رأسه وهو ينظر إلى السقف الذي بدأ ينقلعُ طلاؤه، بعد أن ألقى بجسده المنهك على فراش بارد زاده تعبا.. كان في عينيه بريق من حنين، أو لعله حزن أثقل كاهله، فغاب ببصره بعيدا حيث كان صغيراً..استيقظ باكرا ذلك الصباح، فشعر بنغصة في قلبه لكنه لم يأبه لها، خرج إلى الحي، ودَّ لو يلعب مع أصدقائه لكن شيئا ما منع حركة قدميه، نظر إليهم طويلا وهم يركضون ويضحكون، فمر بجانبهم وسار بخطوات ثقيلة نحو النهر الذي طالما حدثه بأحلامه.. للحظة شعر بدمعة تنزل من عينيه ساخنة على خده البارد الذي امتزج لونه بالحمرة والزرقة من تأثير الرياح التي تهب شرقا..جلس واضعا رأسه بين ركبتيه وهو لا يدري لحزنه سببا .. هذه المرة لم ينظر في مياه النهر التي تشق طريقها نحو البحر الواسع، وهو لم يتأمل في سرب الطيور المهاجرة من شجرة لأخرى، ولم يتساءل كعادته من أين يأتي الحليب الذي تحلبه نساء قريته من الأبقار..! لم يفكر في أيٍّ من هذا، بل لم يكن يفكر في شيء..شعر فجأة بصوت في داخله يقول له: “ارجع إلى المنزل”، استجاب في الحال وراح يركض مسرعا والدموع تهطل بغزارة من ...اقرأ المزيد
حضن الأمواج
أريد البوح بما في داخلي و لكن الخوف يمنعني، أريد أن “أفضفض” بما في قلبي و لكن لا استطيع. لطالما حاولت و لكن كلّما تقدمت خطوة للبوح عن مشاعري و أحاسيسي تصفعني تلك رياحهم القاسية، الجامدة، القوية. لطالما أهلكتني أمواج مشاعري الفائضة التي لا تعرف معنى للهدوء و السكينة لتريحني و لو قليلاً.
ها أنا ابحث عنكَ مجدداً..
فلطالما أحببتُ الكتابة بجانبكَ. و أنتَ كعادتك، تهدأ ثم تغضب فجأة، تبتعد عني ثم تعود إليَّ فجأة. صوتك الهادىء يطمئنني و يهدىء من روعي عندما ألجأ إليكَ مفجوعةً من حالي. لَعبِت بحالي الأقدار و الأيام و حتى الأحلام فأصبحتُ منهكَةً لا أقوى على المقاومة. فكلّما التقينا تأخذني أنتَ إلى مكان بعيد، عالم آخر نملكه نحن و نعيش فيه معاً. عالمٌ حيث اعتدنا فيه على الأمل. كم اشتقت إليك يا مواسيني و إلى أمواجك التي لطالما جذبتني إليك و كأنّك تريد احتضاني لربما يخفف ذلك من أحزاني.
ها أنا اليوم أعتذر لكَ عن كل ما بدَرَ مني سابقاً من هجرٍ و نسيان..
أتيتُ إليك اليوم لأعيشَ في أعماقكَ إلى الأبد، فإنني لم أرى راحتي إلّا معك و بقربك. أتخذتُ قراري ...اقرأ المزيد
بطل المدينة
منذ لقائي الأول بهذه المدينة، وأنا أحلم بأن أكون بطلاً في عينيها، ولو لمرة واحدة، شاهدت فيها صغاراً يتناوبون على طفل نحيل حاول المرور بجانبهم وهم يلعبون، وشاهدت كباراً يتشاجرون، وقرر أحدهم؛ وهو ذو كرش كبير أن يحل الشجار بينهم، تعالى الصراخ، واصطدم رأس رجل بالرصيف، ثم اختفت ملامحه بين الأرجل، وارتفعت الأصوات: يا حرامي…. يا ابن الحرام، ومع وصول الدم إلى الأرض توحدت الأصوات: يا عيني عليك يا بطل….
في السوق أمسك بي أحد الباعة، وقرر أن البلوزة الوحيدة المتبقية عنده تناسب جسمي تماماً، ألبسني إياها، ثم رسم حولي دائرة محيطها نظراته، وأنا مركزها، وبعد أن أفسدت تلك البلوزة السهرة الأولى لها معي قرر أبي بألا أذهب إلى السوق إلا برفقة أحد إخوتي.
عند المخبز؛ شعرت وكأن كل سكان الحي قد تجمعوا هناك، كانوا يتدافعون، ويتنافرون، وعندما لطم صاحب المخبز أحد الأولاد على خده أدركت أنني أواجه أصعب امتحان للشجاعة في حياتي.
وقفت في الطابور النظامي الذي تحرك بمعدل شخصين على الأكثر في كل ساعة، ونفد الخبز، وعدت مهزوماً، وهذا ما عرضني للعقوبة، والتوبيخ الشديد في البيت، والأسوأ من كل ذلك كانت مقارنتي بابن الجيران الذي يصغرني ...اقرأ المزيد
تافوغالت التاريخ والـﺫكرى
انتهى الحفل بالنادي الثقافي بعد تكريم عدد من المتقاعدين من رجال التعليم بمدينة أبركان، حمل معه شهادة شكر واعتراف لمسيرة طويلة في التدريس، ومصحفا عنوان هويته ومعتقده. ركب سيارته واتجه نحو مدينة تافوغالت التي لم تفارق مخيلته وإحساساته رغم التدافع اليومي والمتواصل لانشغالات الحياة. أحس بزهو على طول المنعرجات والمنحدرات وهو يسرق لحظات متعة من الطبيعة الخلابة لجبال بني يزناسن. ركن سيارته على بعد أمتار من قبر جده، وتقدم في هيبة وشغف وهو يردد:
السلام عليكم أهل الدار الأخرى أنتم السابقون ونحن اللاحقون، اللهم ارحمهم واغفر لهم.
جثم على ركبتيه قرب القبر. قرأ ما تيسر من أيات الله الكريمة. رفع كفيه بالدعاء.
وفي المساء، جلس بمكتبه. أخرج ورقة وقلما. فك أغلال مخيلته وكتب:
– كم كانت صلاتك للوطن قدسية، وكم كانت نقاوة سريرتك متعلقة بالرب والطريقة، وكم كانت تراتيلك، وهجرتك، وطيبوبتك تعطر كل الأمكنة لتترك بصماتها التاريخية في النفوس والأجيال رغم ضنك العيش وخفافيش الظلام. ترقد في الثرى بعدما تركت وصيتك تنتظر الوفاء والإنجاز وأنت تراهن على عروق غرستها، داعيا لها بالنبات والثبات في صلواتك صبحا ومساء.
نم قرير العين، فلا زالت كلماتك ترنّ في ...اقرأ المزيد
موعد على ضفاف النيل
إبتسامة لامعة تظهر لمعان الأسنان. بريق عين يخترق شغاف القلب. حنو ولهفة ومرح عند اللقاء…أسلحتي كلها مشهرة وجاهزة للإستخدام. أنظر الى الساعة. ما زال هناك وقت. أنظر إلى إنعكاسي على زجاج سيارة متوقفة. ألاحظ أن الهواء قد عبث قليلاً بشعري. أخرج مشطاً صغيراً أعدل به ما أفسده الهواء. أنظر الى حذائي. متسخ قليلاً. أنحني ممسكاً بمنديل ورقي. ألمع الحذاء بسرعة.
سوف نسير سوياً في البداية بجوار النيل. سألفت نظرها الى لون الشفق ومنظر غروب الشمس وسحر عينيها ونعومة شعرها وجمال جيدها… أنظر الى الساعة. يقترب الموعد أكثر. أنظر حولي وكأن هناك إمرأة تأتي قبل موعدها…..بعدما نسير قليلاً سأجلسها على السور الحجري المطل على النيل. سأظل أنا واقفاً أنظر إليها. أتأملها. أملي نظري منها. سأقول شعراً في شفتيها ونثراً في أنفها وأغاني في أذنيها. وإذا جاز لي القول سأغني مواويلاً في جسدها. سوف تبتسم في حياء أو قد تضحك وهي تطلب مني التوقف. أو الإسترسال.
أعتقد أني أراها قادمة من خلف تلك الشجرة الضخمة. أمعن النظر ثانية. تشبهها فقط….سيهبط علينا من حيث لا ندري بائعو المياه الغازية والفول السوداني وذلك الولد الذي يحمل السميط والبيض وتلك المرأة حاملة الفل والعجوز الذي…..
سوف تظل جالسة على سور الكورنيش يطوق جيدها الفل. في ...اقرأ المزيد