اجتمعت الأسرة المكونة من الأب والأم وطفلتين صغيرتين هما نور وزينب على مائدة العشاء مع الجدة مريم. تألّق طبق فطائر السبانخ برائحته الرائعة وأخذ يثير شهية نور التي تعلم بأن جدّتها أعدّت هذا الطبق خصّيصا لها. وفي وسط اندفاع نور لإنهاء الطبق, أوقعته أرضا فتهشّم إلى قطع صغيرة. شعر الوالد بالغضب فهو يعرف أن هذا الطبق المنقوش بالورود الذهبية غالٍ على قلب والدته لأنّها ورثته من أمها, وكانت تحب تقديم الفطائر فيه. رفع يده ليضرب من سبّبت له هذا الحرج, وقبل أن تلامس يده جسدها الصغير ركضتْ بفزع نحو الجدة ودفنتْ رأسها في صدرها باكية, فغضبت الجدة من ابنها ولعنت الطبق الذي أنزل دموع حفيدتها الغالية.
بعد مرور ثلاثة وعشرون عاما على هذه الذكرى ورحيل جدتي عن الدنيا, فما زلت أذكر هذه الحادثة بتفاصيلها كلما شممتُ رائحة عطر العود, فعندما احتضنتها خائفة من عقاب أبي, شعرتُ بنوع من الاسترخاء والسكينة لجمال العطر المنبعث من صدرها الحنون, وتمنيت لو بقيتُ في حضنها للأبد أسبح في عوالم هذا العطر السحري الدافيء. وبسبب سذاجة الطفولة فقد اعتقدتُ دائما أن جدتي تُصدر هذا العطر من جسمها فصدّقني ...اقرأ المزيد