“فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ”
في صباح خريفي، عتبتُ الباب الخارجي متجها إلى مكان عملي، قدماي تقوداني بشكل آلي، فقد اعتادتا الطريق لكثرة ما اختطتاه طيلة خمسة أعوام. حتى أن المرئيات نُقشت على صفحة الذاكرة، فكل ما أمر به تسبقه صورته قبل الوصول إليه.
أول ما تواجهني محطة ضخ الماء المقابلة لبيتنا، ألقي تحية الصباح على حارس يقتعد كرسيه متململا أمام بوابتها الحديدية، ثم أطأ تبليط الشارع بخطو متراوح بين السرعة والبطء. أمر بين حدادة سلمان ونجارة حسن ثم أخترق الساحة الترابية محاذيا متنزه المدينة، يتسخ حذائي، تغيب لمعته تحت ذرات التراب العالقة به، أستمر في المشي، أصل مرآب سيارات ذي سياج تقشر طلاؤه الأبيض، وتحول إلى لوحة خاكية لصور الشهداء من العسكريين، تعلو الابتسامات شفاههم، حتى لكأني أستمع لقهقهاتهم آتية عبر وجوههم النضرة وهم يتنكبون أسلحتهم الخفيفة أو يقفون قرب أخرى ثقيلة.
ألقيت عليهم السلام كما هي عادتي، ألجمتني صورة جديدة.. توقفت، اقتربت منها، قرأت:
_
الشهيد البطل موسى نعيم استشهد دفاعا عن الوطن والمقدسات في قاطع…
بودي لو استنطقت الصورة، كيف استشهد صاحبها؟ برصاصة قناص أم أثناء المواجهات، أو لربما بقصف مدفعي تعرضوا له، هل داهمهم انتحاري ...اقرأ المزيد