تسللت خیوط اللیل الحالك رویدا؛ لتباغت الفضاء الذھبي المطل فوق البحر الساكن.. تداخلت بلطف مع النور الأصفر الباقي ھناك في الأفق، وأخفقت لمعانھ.. ملأت محیط المقھى الذي أجلسھ بھدوء تلى ضجیج النھار المعتاد في منطقة جلیانة بسبب زوار شاطئھا. رائحة شواء السمك منبعثة من مطاعم الجوار تزورنا عبر النوافذ الخشبیة القدیمة للمقھى؛ رغم غیاب نسمات الریح ذلك الیوم!.. موسیقا كونشرتو تصلني مباشرة عبر سماعات لصیقة بأذني لا أكاد استمع لتفاصیلھا بسبب انشغالي بقراءة كتاب عن تاریخ لیبیا القدیم… وقفت على فقرة متمعنا بتركیز حقیقي، وقرأت جیدا: “تروى الحكایة أن Gluliana جلیانة ھي اسم لفتاة إنجلیزیة شقراء ناعمة، لم یسبق أن عُرف لجمالھا نظیر، في السابعة عشر من عمرھا وھي الابنة البكر والمدللة للقنصل الإنجلیزي في مدینة بنغازي حوالي عام 1850.. وقد ماتت في ریعان شباباھا غرقا، اختطفھا البحر عندما كانت تسبح داخلھ.. لم یعم الحزن على أسرتھا فقط؛ بل على جمیع سكان المدینة آنذاك؛ لذلك تم اطلاق اسمھا على المنطقة التي تحد ذلك البحر”…
ما أن خرجتُ من المقھى كان اللیل قد أسدل ستار العتمة خاصتھ، فقررت أن أجوب المسافة التي تمتد على طول ...اقرأ المزيد