منذ لقائي الأول بهذه المدينة، وأنا أحلم بأن أكون بطلاً في عينيها، ولو لمرة واحدة، شاهدت فيها صغاراً يتناوبون على طفل نحيل حاول المرور بجانبهم وهم يلعبون، وشاهدت كباراً يتشاجرون، وقرر أحدهم؛ وهو ذو كرش كبير أن يحل الشجار بينهم، تعالى الصراخ، واصطدم رأس رجل بالرصيف، ثم اختفت ملامحه بين الأرجل، وارتفعت الأصوات: يا حرامي…. يا ابن الحرام، ومع وصول الدم إلى الأرض توحدت الأصوات: يا عيني عليك يا بطل….
في السوق أمسك بي أحد الباعة، وقرر أن البلوزة الوحيدة المتبقية عنده تناسب جسمي تماماً، ألبسني إياها، ثم رسم حولي دائرة محيطها نظراته، وأنا مركزها، وبعد أن أفسدت تلك البلوزة السهرة الأولى لها معي قرر أبي بألا أذهب إلى السوق إلا برفقة أحد إخوتي.
عند المخبز؛ شعرت وكأن كل سكان الحي قد تجمعوا هناك، كانوا يتدافعون، ويتنافرون، وعندما لطم صاحب المخبز أحد الأولاد على خده أدركت أنني أواجه أصعب امتحان للشجاعة في حياتي.
وقفت في الطابور النظامي الذي تحرك بمعدل شخصين على الأكثر في كل ساعة، ونفد الخبز، وعدت مهزوماً، وهذا ما عرضني للعقوبة، والتوبيخ الشديد في البيت، والأسوأ من كل ذلك كانت مقارنتي بابن الجيران الذي يصغرني ...اقرأ المزيد