كانت الطائرةُ ترصدُ المدينةَ من الجو بينما كنا نحدق رأينا القناديل الصغيرة تتلألأ في أزقةِ صنعاء.
هبطت الطائرة، أخذنا صاحب التاكسي من المطار إلى مسقط رأسي، صنعاء القديمة.
وصلنا إلى فندقٍ قديم، فندق (داؤود)، كُتبت لوحته بثلاث لغات، حجزنا غرفتين متجاورتين أنا وصديقي الألماني.
كان مندهشاً جداً لجمال هذه المدينة التي قرأ عنها، مدينة السور القديم “Old walled city”.
نمنا، وما إن استيقظنا خرجنا متنقلين عبر الأزقة، مكبرات الصوت تنداح في آذانِنا قادمةً من جوامع صنعاء، إنه وقت الظهيرة.
طُفنا في الأزقة، واحداً تلو الآخر، ما من أحدٍ كان هناك، أغلق الباعةُ محالَّهم التجارية واتجهوا نحو المساجد.
بعد فترة تجوال وجيزة، عدنا من حيث أتينا.
في الطريق ناكفني صديقي بسؤال مليء بالدهشة:”ما هذا؟”، وأشار إلى مربع صغير على الجدار، أجبت : ” إنها مجاري المياه، يستعملها سكان صنعاء لسقي الزرع في (المقشامة) أثناء هطول الأمطار.
قال بلكنته تلك: “امممم، هذه المدينة أغرب مما قرأت عنها”.
ابتسمتُ له ابتسامة مشاغبة، ثم واصلنا سيرنا عائدين إلى فندق (داؤود)، وفي لحظة وصولنا رأينا بئراً على الميمنة منا، أراد صديقي مشاهدته عن قرب، أخذنا الإذن من القائمين عليه.
اقرأ المزيد
اليمن
قصص قصيرة
“بئرٌ يفشي الأسرار”
أنا برتاح لا شفت شمسان
الحر لا يطاق! الكهرباء منقطعة منذ ساعات، والهواء فاسد وراكد، قد أصابه الكثير من الخمول الذي أصاب كل أهل هذه المدينة المتعبة. “ما الغداء اليوم؟” سمعت سؤال أخي وهو يقرب رأسه من المطبخ الذي تحول إلى حمام تركي لطالما سمعت عنه من الفتيات الباحثات عن عريس المستقبل! توجهت صامتة نحو الفرن وأنا أغالب خفقان قلبي، فقد داهمني الوقت مبكرًا اليوم. أو لأكون أكثر دقة، تأخرت في الاستيقاظ ومازال هذا الصداع يشج رأسي كمطرقة.
أمسكت بالكبريت ويدي ترتجف، وحاولت إشعال عين الغاز. لا شيء! حاولت مرة أخرى، فأدركت بأن الإناء الذي حشدت فيه معظم المكونات لن يتجسد كطعام صالح للاستخدام البشري كما تخيلت. سمعت أخي وقد احتدت نبرة صوته: “لم تطبخي الغداء حتى الآن؟! فتاة لا فائدة منها!”.
لا غاز!
عن أي غاز تتحدثين؟! ألم أقل لكِ بأن الاسطوانة قد أصبحت بثمانية آلاف ريـال!
حسنًا، وماذا أفعل الآن؟!
اطبخي بالحطب! دبري نفسكِ!
أطبخ بالحطب؟! هل عدنا إلى القرية حتى أطبخ بالحطب والفحم؟! تصبب العرق من جبهتي، فشعرت بالقرف من نفسي. متى تمضي الساعات حتى أتخلص من هذا المنزل ولو لساعة؟ سمعت أخي يقول بعدها وهو يبتعد عن ...اقرأ المزيد
منازل فوق السحاب
اخرجت رأسي من نافذة المقعد الخلفي ونظرت الى الاعلى لاني رأيت الجميع يشيرون بايديهم وينظرون الى ذالك الاتجاه , اذهلني مارأيت , كانت جبال شامخه بدت وكأنها تصافح السماء لم يلفت انتباهي ارتفاعها بقدر ماشدني لونها الاخضر التي ترتديه , اوقف والدي السياره وطلب منا النزول بقوله اننا سنكمل السير الى قريتنا الواقعه في قمة احدى هذه الجبال مشيا على الاقدام , كانت هذه اول زياره لي للقريه التي عاش فيها والداي طفولتهم .
بدانا السير صعودا بعد ان تمكنا من الحصول على حمارا لكي يحمل اغراضنا فهناك حيث تقف سيارة والدي هي اخر نقطه في امتداد طريق اسفلتي من مدينة الحديده الى هنا في هذا الوادي المتاخم لجبل ,,يفوز
,,
كنت اصعد على مدرجات صغيره غير منتظمة يحيط بها مدرجات زراعيه كبيره متسلسلة بناها المزارعون بايديهم تعكس مدى عزيمتهم وقوة اصرارهم , النسيم العدب يداعب اشجارها التي اعلى غصن في احداها يلامس جدور اخرى اعلى موقعا منها , رائحة الطين الممزوجة بمخلفات الابقار كانت البعد الرابع في ذالك المشهد المسيطر , هنا بالقرب مني فتاة صغيره ترعي اغنامها وهناك على يميني نساء يجمعن الحصاد ورجال يحملون اوعيه مصنوعه من العزف .
احسست بالتعب من الصعود اشعر وكاني ...اقرأ المزيد
الجاكيت
عندما كنت طالبا في إحدى الثانويات بمدينة عدن كنت أرى نفسي في المستقبل كرجل يرتدي البدلة الرسمية الأنيقة (جاكيت) ويحمل حقيبة يد ويضع نظارة شمسية فخمة وربما تسريحة شعر مميزة! لم أكن أعلم ماذا سأكون لكن كانت صورة مرحة وكنت استمتع بتخيلّها.
عندما دخلت جامعة عدن اخترت التخصص الذي اختاره معظم زملائي، خلال سنوات الدراسة كنت أجمع المال كلما أُتيحت لي الفرصة وذلك حتى أتمكن من شراء البدلة الرسمية التي أحلم بها، وما إن تخرجت من الجامعة حتى أسرعت إلى أفخم محل لبيع البدلات الرسمية وحققت حلمي.
شعرت حينها أني قد دخلت في مرحلة جديدة، مرحلة أن أكون شخص مهم، شخص له حضور ومستقبل واعد، وكنت مؤمن تماماً أن البدلة الرسمية (الجاكيت) جزء كبير من هذه المكانة الاجتماعية، بل هي كل تلك المكانة الاجتماعية والمستقبل الواعد.
ارتديت البدلة فور عودتي إلى المنزل، وكم كنت سعيدا بها! وكم وقفت طويلاً أمام المرآة! وكم أخذت من الصور التذكارية فيها، أنا الآن على أعتاب النجاح! يا للروعة! وبعد مراسيم الابتهاج تلك وضعت البدلة بالدولاب لتنتظر، وأنتظر أنا اللحظة المناسبة لارتدائها والتباهي بها.
مرّ الأسبوع الأول، ثم لحقه الشهر الثاني، ثم ...اقرأ المزيد
حالة حب
نظرت سعاد من شباك غرفتها بشرود و كثير من التفكير , لم تتمكن أصوات الأغاني العالية الصادرة من جهاز التسجيل من إخراجها من من تفكيرها العميق , أمسكت بخصلات شعرها السوداء و تلمست وجهها بشئ من الهدوء و قد أكتست بشرتها القمحية القليل من الحمرة على وجنتيها حينما زارتها كل تلك الذكريات القديمة .
نظرت بعيناها العسليتان لغرفتها التي ملئت بكل تلك الهدايا المتناثرة, فأختها الصغرى مريم ستتزوج اليوم و لم تتحمل غرفتها كل تلك الهدايا التي جائتها من عريسها المتغرب بالخليج , هبت تلك الرياح الساخنة التي أعتادت مدينة عدن اليمنية على إستقبالها في مثل هذا الشهر من كل عام , و اخذت تتسائل سعاد في نفسها هل ستفرح اليوم أم أن الحزن كُتب عليها طوال حياتها.
تفاجأت سعاد و هي تتذكر رائحة الحنة حينما رأت علبة الصباغ السوداء على الطاولة الخشبية , تلك الرائحة التي جعلتها تتذكر حبيبها علي التي لم تتمكن من نسيانه مطلقاً , عاشت سعاد مع والدها الموظف في مصلحة المياه و والدتها التي قررت الخروج من المعاش بعد 25 عام كمدرسة في إحدى المدارس الثانوية في كريتر , كانت تشعر بالغبطة و السعادة بانها تعيش مع اسرتها الصغيرة المنفتحة التي ...اقرأ المزيد
ســلم نحــو الســماء
مددت خطواتي الخضراء عبر الأزقة المزدحمة بظلال آخر الفجر وبقايا نفحات البخور التي تحمل رائحة من عبق التاريخ، أتسلق الدرج الحجري الذي يصعد نحو الأعلى ببطئ كسلم يكاد ينتهي إلى السماء، الحجارة بدت ملساء على كثر ما عبرها البشر. أتوقف ملياً وكأنها المرة الأولى التي اكتشف فيها ذاك السحر والخطوط الجصية البيضاء النائمة بإتقان في جلباب الأبنية الحجرية في تقاطعات مع الألوان التي تبدو كهالة من النجوم أعلى النوافذ الخشبية، لتضفي على ذلك الزخم مسلك لشوق الاكتشاف. أسفل تلك القمرية تطل أنثى بهية تشبهها، واسعة العينين، مليئة الخد، تنفض ضفيرتيها في رائحة الصباح وتبحث عن أحلام هاربة في زوايا وأزقة المدينة.. لن تدعني وحدي كالعادة، سترافقني وتطل من خلف النوافذ رغم تعرجاتي التصاعدية في طي تلك السلالم نحو الأعلى تارة وأخرى في خطوط قليلة الاستقامة. ضحكات الأطفال وأدعية الصباح التي يلقيها مسنو ذلك الحي، وعطر الأمومة المحتضن لجوف المساحة التاريخية يعطي دفعة إضافية لاستلهام اللوحة مرات ومرات، متناسياً قدمي التي باتت تعرف طريقها نحو مقهى البن اليمني الشعبي، وقد بلغت نم الارتفاع في صدر المدينة قرابة التسع طوابق أو أكثر. على كرسي خشبي وكأنها مسلوخة من النسيج العمراني حولها، أتناول ...اقرأ المزيد