تعليق على قصة “عند بائعة الشاي” بقلم ميلاغروس أوريغي نافاريتي

Mare Nostrum

سأقوم بتحليل قصة “عند بائعة الشاي” من منظور تحليل نفسي، لأن هذا هو مجال تخصصي. أعتقد بأن هذه القصة تتناول مسألة مدى قدرتنا كأفراد على تحدي المألوف للبقاء والمُضي قُدماً. أعتقد بأن هذا موضوع مهم لأن كبح جماح الفردية يمكن أن يُثير مشاعر الفقدان والتي بدورها يمكن أن تتسبب بمُعاناة نفسية.

أعتقد بأن هذه القصة ثورية من ناحية أنها تعرض اندفاع الإنسان الذي يحثُنا على مُخالفة الأعراف المُجتمعية التي غرسناها في عقولنا. لقد فهمت المكان الذي تجلس فيه الشخصيتان الرئيسيتان لاحتساء الشاي على أنه يرمز لمستنقع حزن قدرنا أن نغرق فيه تدريجياً عندما شعورنا بالهجران.

يدعونا هذا الكاتب السوداني للإصغاء للحن الخفي الذي تعزفه قصصنا، يدعونا لتحمل المسؤولية المُلقاة على عاتقنا تجاه ما سيؤول إليه مستقبلنا. إن الشعور بالذنب لعدم القيام بما هو كاف لتغيير مسار حياتنا ولنكون في مكان آخر لهو الذي يدفع شخصيتي القصة للنسيان. أعتقد أن السبيل الوحيد لكسر لعنة نبوءة تحقيق الذات التي تقود المرء لسرد قصته مرات ومرات بدون توقف هو أن يُدرك بأنه مجروح وأن يعثر على كلمات ينفث احباطه من خلالها.

أليست القُدرة على رؤية ما يعتبر جميلاً ومُشرقاً فقط آلية دفاع ذاتية؟ ألا تُشير عدم قُدرتنا على رؤية ألوان الطيف جميعها إلى مدر شعورنا بالضعف؟ وهكذا ننسى الغاية من كوننا على قيد الحياة والتي تكمُن، بالنسبة لي، في الانغماس في متعة خوض عباب المياه الموحلة التي تُفرزها التناقضات.

تتسع أفاق الشخصية الرئيسية عندما يكتشف بأنه قد نسي شيئاً أيضاً، مثل الرجل الذي لم يتمكن من التواصل معه بالكامل سابقاً، ولكنه شعر بأنه أكثر قُرباً منه بعد أن أدرك بأن كليهما تمتلكهما نفس القوى الغامضة التي تجعلهما ينسيان وهي القوى التي تُفسد أعمالنا وتمنعهما من أن يكونا شخصيتيهما المثاليتين، بغض النظر عما إذا كان ذلك أقرب لكون المرء متعدياً أو مثالاُ يُحتذى.

تكشف الحقيقة عن ذاتها لأولئك الأقوياء بما فيه الكفاية لمواجهة ما يتركهم عاجزين عن الكلام لكي يعيدوا صياغة خطاب متماسك مما كان سابقاً يمكن التعبير عنه بشعور من الرهبة فقط. ينبغي علينا جميعاً أن نعثر على حقيقتنا بالإفصاح عن ما يؤذينا لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتغلب عليه، وهو التنديد بالعنف الذي يلجمنا وأن نطوره على شكل صيغة فنية كما فعل هذا الكاتب ببراعة.

 

نسخة مترجمة من الإسباني.

بقلم المؤلفة ميلاغروس أوريغي نافاريتي