بلاد الذهب

 Corridor of Sphinxes, Luxor, Karnak, Egypt

ما الذي أراه أمامي! بالتأكيد إنني أحلم … الآن وبعد كل هذه السنوات أعود إلي هذا المكان الذي طالما حلمت أن أتواجد به مجددًا الأقصر … اول ما رايته بالسابق كان طريق الكباش بالاقصر كان علي الجانبين تماثيل رائعة لأسود ثم واصلنا السير داخل معبد الكرنك حتي البحيرة المقدسة.

كانت البحيرة المقدسة من أروع ما رأيت فقد كان يغتسل بها منذ القدم الكهنة قبل الصلاة، ويوجد أمامها جعران عملاق يتبارك به النساء منذ القدم، ويأتي إليه الأجانب حاليًا للدوران والتبارك به، أيضًا لأنه يرمز إلى الحظ والإنجاب … قمت بالدوران حوله مثلما يدورون وانا اضحك بشدة متمنيه الحظ والحب كنت قد ذهبت إلى هذا المكان من قبل ويومها أصبح لدي حلم أن أصبح مرشدة سياحية وأن آتي إلي هذا المكان مجددًا مع فوجًا سياحيًا وها هو الحلم يتحقق أمام عيني …

بعدما أخد الفوج جولته في معبد الكرنك حان موعد رحلتنا النيلية عبر المركب السياحي إلي أسوان او كما تُعرف قديماً “ببلاد الذهب” لأنها كانت تعتبر كنزًا كبيرًا سميت ايضًا قديمًا باسم “سونو” بمعني السوق … بالفعل اسوان تستطيع ان تجد بها كل ما تريد من عطارة وملابس تحمل الطابع النوبي وتماثيل فرعونية جميلة وعطور … كان مشهد الغروب رائعًا، أشعة الشمس التي تعكس كل اللألوان الزاهية ممزوجة برائحة مياه النيل مع الهواء الذي كان يصطدم بوجوهنا بخجل شديد بين الحين والآخر … لم يغب علينا الليل طويلًا، أتى مسرعًا هو الآخر محملًا بالنجوم التي كانت قريبة جدًا لدرجة أننا شعرنا أننا نكاد أن نلمسها …

وحان موعد الاقرب إلى قلبي وهو الصوت والضوء كانت تحكي القصة عن حكاية رمسيس التاني ونفرتاري كم تزوج كثيرًا هذا الفرعون ولكن لم يحب سوي مرة واحدة وهي “نفرتاري” وقد بني لها معبدًا من شدة حبه لها … كانت الاصوات كانها تنبعث من زمن بعيد والاضواء والألوان غاية في الجمال.

في اليوم التالي ذهبنا إلى جزيرة النباتات وتعد أقدم حديقة نباتات بالعالم وتقع علي جزيرة كاملة وتحتوي علي العديد من الأشجار والنباتات النادرة والغاية في الجمال والروعة. كنت أجوب بها وأنا أتذكر اول لقاء لنا أنا وأحمد أول من أحببت، كان منذ عدة سنوات …

كنت في السنة الأولى بكلية السياحة والفنادق وكانت المرة الثانية التي أذهب بها لأسوان، ولكن تلك المرة كانت مع زملائي ورأيته هناك. كان يعمل مرشدًا سياحيًا وسيمًا يبدو علية حبه لعمله وأخلاصه له … اقتربت منه وسجلت كل ما يقول وقتها ولازلت استعين ببعض كلمات له في الشرح للأفواج … لاحظ حينها انني اتتبعه فتوقف عن الشرح للحظات ونظر إلي نظرة لازلت اتذكرها ثم عاود الشرح من جديد … بعدما انتهى من الشرح وجدته يقترب مني ويعرفني بنفسه، كم كان لكلامه عن السياحة وأسوان والأقصر وقعًا جميلا في أذني.

كنت استمع إليه في إنصات بالغ، وكأنه يلقي محاضرة وقبل انتهاء الرحلة كان قد طلب الزواج مني … كدت ألا أصدق نفسي، كان به كل المواصفات التي أحلم بها … وبالفعل تزوجنا وكنا نسافر سويا أسوان كل عام ولكن هذا العام لم يستطع الذهاب معي لأن لديه بعض الأعمال بالقاهرة …

ليتك معي الآن يا أحمد في أول مكان التقينا به وتحت هذه الشجرة تحديدًا … من الذي يخبط علي كتفي بهذا الشكل السخيف … إنه أحمد …

 

بقلم المؤلف سالي جمال أحمد البارودي