نشرت أخيراً الترجمة إلى اللغة الإسبانية لرواية جبرا إبراهيم جبرا “البحث عن وليد مسعود”! أتمنى أن تعجبكم!
Author: Rita Tapia Oregui
الترجمة إلى اللغة الإسبانية لرواية جبرا إبراهيم جبرا “البحث عن وليد مسعود”
ترنيمة حياة
اسدل الليل ستاره فغفت الأعين و ساد الصمت أرجاء المكان ٬ ذاك الذي لم يقطعه سوي صفير الريح الذي أعرب عن ليلة شتاء قاسية البرودة . اما هي فجلست بجوار شقيقتها النائمة تتأمل وجهها الملائكي , و بعينين دامعتين نقلت بصرها نحو السماء ٬ ترقب القمر وسط الغيوم وما إن إندثر معلنا إستسلامه حتي ادركت أنها بداية النهاية .جثت علي الأرض متكورة علي نفسها , تمنت لو انها تستطيع الإختباء خلف أحدهم .
راح قلبها ينبض بقوة و تلاحقت أنفاسها، فها هي وطأة أقدام زائرهن الليلي تدنو من مضجعهن أكثر فأكثر . و وسط ليل حالك السواد بدا امامها حاملا مصباحا في يده و بصوت جهوري راح يوقظهن ساكبا الماء البارد فوق أجسادهن اللاتي لا يسترهن سوي أثوابا بالية مهترئة لا تستر عورة و لا تبعث دفئاً . و ما إن إمتدت يده نحو إحداهن حتي راحت تصرخ مستنجدةً بوالدتها التي قامت بدورها بالتوسل اليه ليرحم صغيرتها و لكنه أبي ٬ فقامت السيدة بدفعه بعيدا عن ابنتها الأمر الذي أثار حنقه فراح يهشم رأسيهما بسلاحه فسقطتا غارقتين في بحر من الدماء.
تعالت صرخات النساء و الفتايات من حولها ، تمنت “حياة” ...اقرأ المزيد
جدار يريد أن ينقضّ
عددهم تسع عشرة طفلا، تحت ضوء الشموع اصطفوا جلوسا على مقاعد الكنيسة آخذين في التهام الحساء غير آبهين لنصائح الأب جون بول بالحرص على تغذية أجسادهم النحيلة لحمايتها من مرض السل المنتشر. عندما تيقنَ أن كلامه لا يتعدى آذانهم انسحب الأب نحو تمثال العذراء وجثا على ركبتيه في مواجهتها داعيا ألا يعود فادي إليهم حتى لا يضطر إلى طرده، ومتمتما بكلمات لا يسمعها الأطفال المنشغلون بالعشاء وبحديثٍ يتناقلونه حول الأوضاع خارج أسوار الكنيسة، أسفل الربوة التي تعتليها، في الجزائر العاصمة وباقي المدن، حيث قضت المجاعة والأوبئة على ثلثي الشعب في ظرف ست سنوات تاركة البلاد خالية من الأطفال والمسنين كما مات الكثيرون بنار الحرب التي اندلعت من أجل البقاء على قيد المجاعة. نفاذُ النفط من جوف الصحراء جاء قاصما لظهر الاقتصاد الهزيل المتداعي تداعي أسعار النفط.
صارت هذه البلاد منطقة محرمة إلى أن تتوقف الحرب ويتم القضاء على الأوبئة المنتشرة.
نبوءة الأب جون بول كانت صحيحة حين قام قبل عامين بعزل عشرين من أطفال المدينة داخل كنيسة السيدة الإفريقية لحمايتهم من عدوى مرض السل هو الذي كان يعمل على الكشف عليه ...اقرأ المزيد
مدينتي
مدينة صغيرة هدأت عندما احتضنها النيل بين جوانجه، حن إليها الهواء وسكن عندها النهر فتعلمت السكون، معظم سكانها من الفلاحين وعمال المحالج البسطاء، تنتشر فيها المدارس والمصالح الحكومية، وتتبعها عدة قرى، لها تاريخ في الوطنية يعد مضربًا للأمثال، تُحيطها المزارع والحقول من كل حدب وصوب، تختلط فيها أصوات العصافير وصياح الديكة بنهيق الحمار ورغاء الجمل ونداءات الباعة، يتعامل فيها الجميع بالحسنى، وترى الحياة فيها وكأنها تباطأت أو توقفت حركتها، حتى حديثهم تراه بطيئا مثل كل شيء عندهم، ينعمون بهدوء وطول بال يحسدون عليه، لا مشكلة عندهم، ما لم يتم إنجازه اليوم فلينجز في الغد، يومهم طويل كليلهم، وهم غير متعجلين لإنجاز أي شيء في وقته، وعندما تعاتبهم على ذلك تكون كلمتهم الشهيرة (هي الدنيا طارت.. يا مستعجل عطلك الله)، يتحلقون حول الطبلية في العشاء حيث تكون وجبتهم الرئيسية حينما يعود الجميع ويتجمعون ويأكلون ما يوضع أمامهم دون اعتراض، يحمدون الله على ما رزقهم وينامون قريري العين، يتحملون المصاعب والمصائب وما أكثرها بصبر وجلد، تجدهم أخوة في المواقف الصعبة، يمكنهم أن يختلفوا على أي شيء مهما كان تافها، وتثور الدنيا على شيء لا يستحق، لكنهم سريعي ...اقرأ المزيد
فوق المتحف
القصة بدأت بانهم فوجئوا بها تقف هناك.. لم يعرف احد كل فعلتها، وحتى هى نفسها لم تدر كيف وصلت إلى هناك بتلك السهولة..
شخصت الابصار إلى سطح المتحف المصرى، بالتحديد فوق مدخله الرئيسى، حيث تقف تلك السيدة مهددة بالانتحار..
اضطرب الواقفون فى الاسفل، جروا فى كل الاتجاهات، و بعضهم صاح محاولا اقناعها بالتراجع..
كانت الاسعار ترتفع و ترتفع لتزيد مشاكلها، و هى بالكاد تطعم اطفالها.. ارملة بلا عمل، و بمعاش ضئيل، لا تفهم شيئا مما يجرى حولها.. تسمع حديثا كثيرا عن قرض صندوق النقد الدولى و تعويم الجنيه، فلا تملك غير التساؤل:
’’هى الناس دى عايزة تخرب بيوتنا ليه؟!‘‘
كان الضغط قد بلغ منتهاه، و اليوم جاء وقت التهور..
ظهر مدير المتحف، و هو يكاد يلطم خديه، يبرطم عن السياحة التى بدأت توا فى التحسن، و عن الدعاية السيئة..
و بعد ثوان ازدادت متاعبه، مع خروج فوج سياحى من المتحف، و توقفهم لمشاهدة ما يجرى.. رغم غليانه، كان يفكر انهم ربما لن يفهموا ما يجرى.. و كأنها قرأت ما يدور فى ذهنه، فاجأه صياحها، و هى تشرح بانجليزية كسيحة ...اقرأ المزيد
أرض الينابيع الملعونة
في زَمَانٍ بعيدٍ، لا أَحَدَ يعرفُ مَتَى حَدَثَ ، لَكِّنَهُ حَدَثَ على هذه الأَرْضِ الَّتي تَشْهَدُ مَعَالِمُهَا وتَضَاريسُهَا على تِلْكَ اللَّيْلَةِ الغَريبَةِ وَتُذَكِرُنا بأحْدَاثِها وشُخُوصِها كأنها كانَتْ لَيْلَةَ البَارِحة. حِكايَةُ هذا المكان بَدَأتْ مع تِلك اللَّيْلَة، لكنَّها لم تَنْتَهي مَعَها، فأسْرَارُ هذا المكَانْ مازالَتْ تَعيشُ بَيْنَنَا. حِكايَةُ هذا المكان حِكَايَةُ فَارِسٍ شابٍ وُهِبَ كُلَ الصِّفاتِ الجَمِيلَةِ من قُوَة ٍوحُسْنٍ وبَهاءٍ وجَسَارَة . كان أبوه زَعِيمَ قَبيلَةٍ قَوِيَةٍ حَلَّتْ بهذا المَكَانْ، وَطَابَ لها المقَامُ فيه فالأرضُ كثيرةُ الخيراتِ ووافرةُ المياهِ، وكان الجَميعُ يعيشون فيها في رَغَدٍ ورَخاءٍ وسَعَادة، إلى أن أَلَّـمَ بزعيمِ القبيلةِ مَرَضٌ مُفاجِىءٌ ومَاتَ على إثرِه وحَزُنَ الجميعُ لهذا المصابِ. ولكن كان على شيوخِ القبيلةِ أن يعيِّنوا وَلَدَهُ زعيمًا للقبيلة خلفًا له. وكان على هذا الفارسِ الشاب أن يُحَقِقَ شرطًا حَدَّدَهُ أَسْلافُ القبيلة، وهُو أن يتزوج ليلة تعيينِه زَعِيمًا بأُنثى تَفوقُه جمالًا وتُكافِؤه حَسَبًا ونَسَبًا. كان على هذا الفَاِرسِ أن يَعْثُر على امرأته بسُرْعَةٍ وأنْ يَعقُدَا قِرانَهُما في حَفْلٍ تَوَلِيه الزَّعامَة، لم يكن في هذه القبيلة أيُ أُنثى تفوقُ هذا الفتى جمالا ولا مَنْ تُكافِؤه حَسَبًا ولا نَسَبًا. شَغَلَ الخَوْفُ بِضَيَاعِ الزَّعَامَة عائلةَ الفارسِ والمقَرَّبين مِنْه. ...اقرأ المزيد
وطن الغرباء
لستُ أدري سر هذه الغواية التي يلقاني بها ذلك المقهى. رغم إنه لم يعطني ما كنت أسعى إليه يوم دخلته لأول مرّة. ففي جنباته كنت أشعر بدنيا مُصغرة، هو سوق، أو دار إقامة لأناسٍ يتحدثون ولا يكادوا يصمتون. وعمال مهيئون بشكل مدروس لسرقة الزبائن.
ولأنه يأتي قبالة البحر، كنت أحسبني أدفع من مالي المتواضع ما يشتري هذا المنظر الذي يتجلى في ثوب الروعة مقتحما النافذة التي أجلس بجوارها.
كنت بريئا، اشتريت كتابين، وحسبتُ تحت سطوة المراهقة إنني مثقف، ولابد أن أبحث عن المثقفين، وأين هم، وفي أي بقعة يجتمعون؛ كي أتناقش معهم فيما اعتقدته من القضايا الكبرى. فقيل هنا.
تطاول الوقت، ورغم أهمية المقهى في منحي فرصة لقاء أناس على وفق مسعاي، لكن ظل زحام المقهى أبلغ أثرا من هؤلاء. وبموقعه وهيئته التي عمَّقت عشقي للماضي، وللإسكندرية في ذاك الثوب المتحفي. فهذا الجزء منها مؤكد لم تصبه آفة التشويه.
نضجت رؤيتي، وشغلتني الهندسة، والسعي على إدراك طموحي الخاص. فلا جدوى بأي حال أن تكون شاعرا أو قاصا أو حتى صاحب موقف واضح من العالم. فذاك الزحام الدافئ رغم كل شيء، ما كان ليهتم بذوي المشاعر المرهفة، فالجميع هنا على ذمة التهميش والغياب. ...اقرأ المزيد
هى و البحر
سألت قدميها: لماذا تحملانى إلى هنا؟ وسألت قلبها: لماذا تداوم على تعذيبى؟
جولتها اليومية على الشاطىء فى برج رشيد، فى المكان ذاته الذى كان يطيب لهما دوما ان يلتقيا فيه، و يكتبان حروف حبهما على الاحجار.
اصدفة هى انه نفس المكان الذى تنطلق منه قوارب الهجرة غير الشرعية إلى اوروبا؟! ام تراها كانت نبوءة للمستقبل؟
كان الحب يكبر يوما بعد يوم، اما الزواج فكان فكرة خيالية بمتطلباته العالية، و ديون الاسرة.. قال لها: “سأذهب إلى هناك، بضع سنوات فقط و اعود، ترتاح عائلتى و نتزوج!”
ذعرت و رفضت تماما.. ” اخاف عليك من الهواء، فكيف بالبحر الغادر؟!”
لكنه كان مصرّا، بالنسبة له، هذا هو المخرج الوحيد لازمتهما.. تمسّك بأن يجرب حظه، فاقترض مبلغا من قريبه، و اضافه إلى المبلغ القليل الذى ادخره للزواج.
لم تفلح توسلاتها ووعودها بالصبر والتحمل فى اثنائه عن السفر، وفى اليوم الموعود ودعته بقلب جريح وعينين زائغتين.
كانت تطمئن نفسها بأن هذا يحدث للاخرين فقط، اما الحبيب فسوف يسلم قطعا، لكن الخبر الصاعق الذى انخلع له قلبها لم يتأخر.. لم تستطع ان تصدق انه ...اقرأ المزيد
ساحة الأسود
البعض يدعوها بساحة أول نوفمبر، والبعض يدعوها بساحة السلاح (place d’armes)، لكن الأغلبية حولوا اسمها في اللفظ الشعبي إلى (place dames) ثم ترجموها جزافا إلى ساحة النساء، ساحة لا تقعد فيها امرأة واحدة.
لكن بالنسبة لي، هي ساحة الأسود، المكان الذي يقف فيه أسدان شامخان هما رمز المدينة، مترفعان عن كل الضجيج تحتهما، أسميت الأول شمس، والثاني قمر، إسمان مبتذلان أتت بهما طفلة، لكنني تعلمت أن الأشياء جميعها لها أرواح، يكفي أن تجد اسمها لتتحدث إليك…
لم يكن أبي من علمني هذا الدرس، فهو كان يكره الأسدين، يراهما صنمين سيجلبان خراب المدينة، ولم يعلمني إلا شيء واحدا في حياته، أن الله يغفر الذنوب كلها إلا أن يشرك به، لم يشرك أبي، لكنه ارتكب ما دون ذلك جميعا…
معلمي في الحقيقة رجل لا أعرفه، كان يصر أن الأسماء شر لا هدف له إلا تفريق البشر، فتخلى عن اسمه، أذكره دوما في ذات الصورة، قميص ذهب كل لونه ثم اسود من النوم على الأرصفة، شعر قذر ووجه تكاد لا تتبينه تحت طبقات التراب، كنت أصغر من أحكم بالمظاهر فأحببته، وهو بدوره علمني كيف أحب…
-“إنها تحبك” قال مرة وهو يحدق في ...اقرأ المزيد
“بئرٌ يفشي الأسرار”
كانت الطائرةُ ترصدُ المدينةَ من الجو بينما كنا نحدق رأينا القناديل الصغيرة تتلألأ في أزقةِ صنعاء.
هبطت الطائرة، أخذنا صاحب التاكسي من المطار إلى مسقط رأسي، صنعاء القديمة.
وصلنا إلى فندقٍ قديم، فندق (داؤود)، كُتبت لوحته بثلاث لغات، حجزنا غرفتين متجاورتين أنا وصديقي الألماني.
كان مندهشاً جداً لجمال هذه المدينة التي قرأ عنها، مدينة السور القديم “Old walled city”.
نمنا، وما إن استيقظنا خرجنا متنقلين عبر الأزقة، مكبرات الصوت تنداح في آذانِنا قادمةً من جوامع صنعاء، إنه وقت الظهيرة.
طُفنا في الأزقة، واحداً تلو الآخر، ما من أحدٍ كان هناك، أغلق الباعةُ محالَّهم التجارية واتجهوا نحو المساجد.
بعد فترة تجوال وجيزة، عدنا من حيث أتينا.
في الطريق ناكفني صديقي بسؤال مليء بالدهشة:”ما هذا؟”، وأشار إلى مربع صغير على الجدار، أجبت : ” إنها مجاري المياه، يستعملها سكان صنعاء لسقي الزرع في (المقشامة) أثناء هطول الأمطار.
قال بلكنته تلك: “امممم، هذه المدينة أغرب مما قرأت عنها”.
ابتسمتُ له ابتسامة مشاغبة، ثم واصلنا سيرنا عائدين إلى فندق (داؤود)، وفي لحظة وصولنا رأينا بئراً على الميمنة منا، أراد صديقي مشاهدته عن قرب، أخذنا الإذن من القائمين ...اقرأ المزيد