في يوم من أيام الربيع الأردني الجذاب، قادنا الشوق إلى منطقة مجاورة، قد غصت بأنواع النباتات الربيعية المزهرة الجذابة الزاهية، جلسنا قبالة منطقة أثرية لا أجمل ولا أروع، أخذني التفكير بعيدا غاص في أعماق تاريخ وجغرافية الأرض، وقد مر عليها آلاف السنين لا بل ملايين، استوطنتها شعوب مختلفة وكثيرة. واستذكرت أيضا بصفتي مدير مدرسة سابق، استضافت في الثمانينيات من القرن الماضي، فريق آثار أمريكي مدة شهرين كل سنة بعد سنة طيلة عقد، كانت مهمته أن اكتشف ما نشاهده الآن من آثار وفسيفساء وكنائس.
أبى من كان معي إلا أن يذهب إلى أرض الواقع، ويلاحظ بعينيه هذه الجهود العملاقة التي بنت الكنائس والمغاور والكهوف، فضلا عن الجسر أعجوبة في البناء الهندسي الدقيق، الذي يربط بين الجبلين، التي تقبع على سفحيهما أبيلا (قويلبة).
وصلْنا بعد أن قطعنا الطريق مع قليل من التعب وقلوبنا وعيوننا مشدودة نحو المنطقة، التي تنبئ عن حضارة بيزنطية قديمة كانت مزدهرة. تسمّرت عيوننا، وذُهلنا عندما أدركنا ضخامة الأعمدة ودقة صنعها، ووقفنا كأن على رؤوسنا الطير لهول ما رأينا. حقا إنها مدينة وتستحق أن تكتشف وتستحق أن يزورها كل من يرغب قراءة التاريخ من خلال عيون ...اقرأ المزيد
Author: Rita Tapia Oregui
أبيلا التاريخ
الموقع الأثري لمدينة وليلي
قصص الترحال و المغامرات هي قصص لطالما عشقها الإنسان و أحبها فمن منا لا يحب السفر و ٱكتشاف حظارات و ثقافات دول و مدن عالمنا الكبير
القصة التي سأرويها لكم هي قصة عن مدينة أسطورية و أثرية تقع في المغرب و تحديدا غرب مدينة مولاي إدريس زرهون، هذه المدينة هي مدينة وليلي و قد زرتها منذ سنوات عدة أثناء سفري و ترحالي لبعض مدن المغرب الجميل، تعرف المدينة بأراضيها الشاسعة و الخصبة و شموخ مبانيها القديمة التي تعود إلى حقبة زمنية سحيقة كما تشهد آثارها على تعاقب عدة حضارات كالرومان والأمازيغ والبزنطيين وغيرهم من الأعراق المستوطنة على مدى عصور لهذه الحاضرة و التي صنفتها مُنظمة اليونيسكو سنة 1997 تراثا عالميا
قلت عنها أنها أسطورية لأنها تحكي بعض مغامرات هرقل البطل الشهير حيث يقال أنه صارع أفعى “الهيدرا” اللاذعة، وقاتل بشراسة طيور “ستيمفالوس” و تغلب عليهم، فسكان المدينة الأصليين يحفظون عن ظهر قلب مثل هذه القصص الخيالية الجميلة و يروونها للسياح الأجانب الذين يأتون من جميع بقاع العالم لزيارة هذه المدينة الأثرية الرائعة. حاملا حقيبتي الظهرية وآلة التصوير الصغيرة تجولت بين جدرانها الأثرية القديمة و إلتقيت ببعض السياح الألمان الذين حدثوني عن ...اقرأ المزيد
كتلة خرسانية ترى البحر
هذه المرة قررتُ أن أتغير فعلا. فالأحداث العامة الكبرى تُغيِّر من شخصية الإنسان بلا شك. وإن لم يتغير الواحد منا بعد أحداث كهذه فمتى يفعل؟ أقول: هذه المرة قررتُ أن أتغير فعلا. وها أنا الآن أكسر مدار يومي الثابت فأخرج من مقر عملي لا إلى مقر إقامتي بل إلى البحر.
منذ سنوات وأنا أحلم بأن تكون هذه التمشية فقرة دائمة في اليوم. فأنا أحب البحر، ليس كما يحبه الناس، فالكل يقول إنه يحب البحر، لكنني أحب البحر فعلا. فأنا أحب الجلوس أمامه والسباحة فيه وأحلم دائما بتملُّك شقة كبيرة في طابق عالٍ ترى البحر مباشرة. بل أحبه إلى درجة أنني أتلذذ بأكل كل أنواع السمك تقريبا. لكن إن سألتَني عن أكثر ما أحبه فيه أجبتكَ بلا تردد: أحب اتساعه الهائل ورحابته اللامحدودة. وأذكر أن أحدهم قال إن كلمة “بحر” هي مقلوب كلمة “رَحب”، وهي ملاحظة ذكية أعجبتني.
أقول: أحب البحر فعلا، لكنني رجل متزن وأعلم أن لكل شيء عيوبه، ومن أكبر عيوب البحر ذلك الرذاذ الذي بدأ يستقر على زجاج نظارتي. ألا يستطيع البحر أن يدعني أتمشى بقربه دون أن يرشَّ نظارتي ووجهي كله ...اقرأ المزيد
المدينة الغارقة
انحنت لتودعه الوداع الأخير، طبعت على محياه النضر قبلة اللقاء الأخير، كانت تجدل جديلة الزمن وتنثر العطر فواحا حول قارب حبهما، لكنه القدر من جنى عليها لتمضي وحدها منتصف الطريق إلى حيث تعتليه كتل صخرية كشخوص سوداء، شاهدة على كنوز أسرَّ السابقون فيها سيّر حياتهم، وقد كانوا نزلاء في المدينة الصخرية حيث تتربع المدرجات كسلاسل جبلية تفضي على المدينة الغارقة تحت انهيار الجبال. ترن كلماته في أذنها وهي ذابلة ترتوي من أنفاسه شيفرة النضال من أجل الوجود، هو قادر على أن يبقى صامتا طيلة أزمان بعد هذي فقد وريَّ التراب، وهي ساهدة تتم مسيرته باحثا عن الرأس الذهبي، وهي تتلو الخريطة البيزنطية كما تتلو تراجم البلدان، تذكر حينما تعثرت به وهو يتصفح كتب العالم القديم حيث ربضت بيزنطة على أرض المشرق، حيث تعبد الشمس. كان يسير بسبابته وراء الرموز وهي مفاتيح لكنوز الشرق حيث الجسر البيزنطي، والمقابر والدفائن والملك وحاشيته، حيث تربض الكنوز تحت القرية الصغيرة، هنا نعرج إلى سماء فضفاضة من التاريخ البعيد آلافا من السنين، وسرت وإياه فوق جناح الطير وقد وقفا على رموز البسيطة كلها، هنا في الشلالة نعم هنا تحت هذي الأشجار تسكن المدينة الغارقة، ...اقرأ المزيد
الظل لا يعكس الحقيقه
شاب في الثلاثين من عمرة يعيش في احدي المحافظات الساحلية يهوى الرياضة ومن سنوات ليست بالقليلة يسعى لإيجاد عمل مناسب يحقق له احلامة حاول مرارا وتكرارا العمل سافر إلى الغردقة وشرم الشيخ والإسكندرية وأجرى اختبارات ومقابلات وكان يسمع دائما المقولة المعروفة مستر احمد سوف نتصل بك وبرغم تفوقه في الدراسة وحصوله على ليسانس الحقوق بتقدير جيد لم يجد اى فرصة للعمل والحياة وأخيرا تحقق الحلم بعد مرور عدة سنوات وحصل على الوظيفة التي كان يحلم بها نظر في ساعته وابتسم وارتدى أجمل ملابسه باقي اقل من ساعة ويتحقق حلمه في العمل، كسائق خاص بمرتب ضخم لدى إحدى سيدات الأعمال وصل في موعده، ودق جرس الباب فتحت له سيدة المنزل امرأة فى العقد الرابع من عمرها، فيها لمسة جمال وحزن غريب وأشارت بيديها ليدخل وينتظر، ودخلت غرفتها لتغير ملابسها.. بدون وجل ولا خوف ولا ارتباك حني أنها لم تغلق باب غرفتها خلفها .. وثارت مصريتي في داخلي .. وسألت نفسي .. أية ده .. هى الست دى مش خايفة لسمح الله أدخل عليها وهى تغيير ملابسها .. ويحدث ما يحدث … إى ده الكلام ده مش ...اقرأ المزيد
البيوت اسرار
بدأت أشعة الشمس تشرق لتعلن بدء يوم جديد.. امتلأت الطفاية ببقايا السجائر توضأ وصلى وأغمض عينيه ليفيق على صوت امة ويديها تحيطانه برفق وتطبع قبله على وجنتيه وتنصرف بهدوء.. هبطت السلم.. أخبرته بذهابها لإحضار بعض احتياجات المنزل.. شيء ما جعله يتعقبها بنظراته أمام الباب الخارجي للمنزل تلفتت يمينا ويسارا.. وذابت فجأة فرك عينيه.. ظل يبحث عنها للحظات تغمره مشاعر الفراق أسرع باستخراج حقيبة ملابسة وكان قد أعدها منذ بضعة أيام مضت بعد أن ضاقت به الحياة في قريته الريفية البسيطة و لم يجد حلا سوى السفر للقاهرة، لم يكن له أقارب في تلك المدينة الكبيرة سوى عمه الذي يعيش في شقة بسيطة
ذهب إليه وكما يقولون في الأمثال «الدم يحن»، فتح له شقته التي يعيش فيها هو وأبناؤه وزوجته، ووعده بتوفير فرصة عمل له تساعده على العيش وسط الظروف التي لا ترحم..
منذ اليوم الأول له في الشقة انطلقت سهام النظرات الشهوانية، بينه وبين ابنة عمه، وهى الشابة الجميلة التي ينطق جسدها بأنوثة متفجرة ومكر فطرى غريب تقدم لها للزواج بعد عدة أيام وكانت فرحته لا توصف مع أول مولود ولكنها لم تستمر طويلا وبعد عدة أسابيع جلست تصرخ وتشتكى إلى الناس من زوجها..
كانت تحكى مأساتها للقاصي والداني مع ...اقرأ المزيد
بلدتي
الساعة العاشرة والنصف، الشمس تغلف غرفتي باللون الذهبي، انتظرت النزول كفامبير متقاعد، الشوارع مغرية بالمشي. الشمس تنشب أشعتها بظهري فيغمرني إحساس بالدفء تدريجي، تلامسني دون أن تُغمض لي عينا، أسير على غير هدى، بلا طواحين هواء برأسي، الشوارع خالية بعد، أسوار بعدها تحيط بأطفال المدارس، أستطيع المشي بها للأبد، بلدتي صغيرة تُلف كلها على قدم، أفكر باحتواء المكان في جيب، مدخل بيت جدتي الضيق، السفينة الخشبية الصغيرة في زجاجة، الزجاجة قرب ألبومات الصور التي تصدر موسيقي لدي فتحها، مقهاي المفضلة، مثواي القادم، شارع الكنيسة، وشارع مدرستي القديمة، مقاعد غير مريحة بالكورنيش، أصوات جميلة لبنات أوليها ظهري، وجوه لهن شفّتها عيني، رائحة السمك المشوي المخلوط بالمِلح رغم كوني لا أفضله، جامع البحر الذي يلتهم الشارع بحجمه، ناقم على نفسي كوني لم أصلي بداخله، النصب التذكاري لا أعرف لم هو تذكاري ولما تم بناءه. حورية بحر صغيرة تظهر وتختفي، أذكر أن لها مكان بعقلي ولكنها غادرته، تظهر وتختفي مثل وحش لوخ نس، تهمس بأذني حول احترافي للحزن، اليوم آخر يوم قد أسير دون أمر بلا حراك دون إذن، غدا سوف يلتهمني الغابرين، وأصبح فتاتا للكل، كل شيء يمضي، قالتها لي بجعة ...اقرأ المزيد
ابنة الاهوار
بسم الله الرحمن الرحيم
المياه رائقه كالبلور والقصب والبردي يغطي كل المساحات والآكاليل الورديه طافيه على السطح حيث المرج الاخضر والجدران الباسقه من القصب والعشب المائي هناك في جنوب العراق وتحديداً في (هور الحويزه) حيث المسطحات المائيه الشاسعه عائمه وبيوت ذهبيه من القصب يسكنها ورثة حضارة سومر واكد وكأن الذي يدخل البوابه الخضراء الساحره هذه قد غادر ضجيج العالم وصخبه الى الماضي السحيق!! حيث مساحه 11500 كم من الاراضي مغموره بالماء بشكل غيردائم فهذه جنة عدن او (مدن الماء) و20 كم مربع مغموره بشكل دائم! وفي (مدن الماء) تسكن بطلتنا من قبيلة(السواعد) ذات الطابع القبلي المحافظ و تدعى (سباسب) بعيونها الكحيله وشعرها الحنائي الاحمر وبتسريحة شعرها (البكله) الجميله وبالوان ازياء اهل الاهوار الزاهيه وكأنها قادمه من اعماق التاريخ وهي تمارس عملها اليومي منذ ان تختلط لحظات شروق الشمس وغروبها بأنبثاق الفجر حيث تزاول عملها بالذهاب بـ(المشحوف) الى عمق الاهوار لقطف القصب والبردي .وفي هذه المملكه المسحوره التي لطالما حيكت عليها الاساطير والخرافات ولد (حب عذري) بين سباسب و(القاسم) فتىٍ من الهور الجنوبي البعيد وهو شاب ذو ملامح سومريه سمراء سكنت (سباسب)! قلبه وظل هائماً في دنيا هواها وهاهو يمخر ...اقرأ المزيد
ظل امـــــــرأة
تلحف الشتاء سرابيله ودلقت برودته على روابي الرّيف، الأرض التي تعبق الطيبة من طينها..من عرق أهلها.
بين وهاده تواضعت بيوت طينية لاتكاد تخفي ما بداخلها بعدما طفحت أسرارها بين أهلها، يلوكونها رغيفا ليومياتهم المرهقة بمخاض الفتنة الذي شكّل مع
الفقر متلازمة عيشهم، قريبًا منهم كان النهر يتلوّى في عنفوان حاملا بين ضفتيه أحجيات معلقة بين الوهم والحقيقة، تزهر في منتهاها سذاجة أحلامهم. تحت حمرة سقف عتيق ظلّل الشوق حناياه، نام الحلم طويلا ليصحو على فجيعة.
عاد إليهم بعد غربة تُوشِّح ظله امرأة ــ بعدما أغواه بريق التمدن الزائف ـــ فخرب عشًّا دافئًا لأطفال ظل ريشهم ينمو في طمأنينة وهم ينتظرون خلف أحلامهم المؤجلة عودة والد سيحضن شوقهم..سيضيئ بحضوره ليل غربتهم الطويل..من بعيد مد الأمل يديه ليعانقهم، ليعبّد دربًا تختزل مسافات الإنتظار.
أخيرا سيخلو لهم وجه أبيهم الذي ظلوا ينحتونه شوقا على صخور البراري، ثم يدسّونه بين ذكرياتهم، ويحفظوه بعيدا في أعماقهم حتى تحين مواسم اللّقاء، لكن جمر الغيرة المنبعث من هشيم العمر الضائع أحرق لهفتهم فتكدّر ماء الفرحة في عيونهم.
فتح على نفسه أبواب الحرج وهو يطلّ على أهله ليلا يتبعه ظلّ امرأة متحضّرة، رافقت دربه من ...اقرأ المزيد
أنـاس
في أعالي جبل المقطم القديم، ومن خلفه جبل الدويقة، كانت تستتر بيوتنا، وكثيرا منها ما يحتمي بصخرة هائلة..
نقطن في منطقة تسمى المعدّسة، تلقى في بطنها أوساخ الناس ونفاياتهم في زرايب منشية ناصر..
كأجراس الكنائس الآذنة بموعد صلاة مقدس كان يقرعنا الفجر، وتلقي لساعات خيوط الصبح نداها على جلود أجسادنا الساخنة من عناء التيه في صحراء النوم، نركد مهللين كصفار ضوء شحيح في العتمة، نطل على العالم النائم من أعالي جبالنا، نهبط عليهم كلصوص الليل نسرق قذارتهم، ننحدر من طريق وعرة مهدناها بخطى العادة، في صفوف نعتلي عرباتنا ذات الصناديق الخشبية، تسوقنا حميرنا المقروحة على أزيز احتكاك أخشابها، تجرّنا الحمير على خطواتها المنغومة التي وكأنها لا تبغي التقدم بقدر ما تستحلي إيقاع النغم، الذي يخرس أصواتنا المتعالية ونخفت في إنصات، لتوقظ فينا صوت سكون الوجوم بداخلنا فيغلبنا النعاس، نرتسم على كبد الجبل شرايين متجلّطة سوداء في وجه الزمان..
كنا غلمان خرجنا لخدمة سيدنا لقمان، ذلك الثري الذي تحكي عنه الأساطير القديمة، حقا لم نره ولكنا جميعنا رأيناه في المعلم شفيق..
سخر مني وليم عندما حدثته عن قصته، غير مصدق أن يكون هناك رجل في هذا الثراء، ضحك وضربني على ...اقرأ المزيد