انتصب صالح الطَّحَّان أمام باب المَطحنة، متأملا ناظرا إلى ألأفق العابس، الذي أشعل في نفسه شهوة الانتصار. موقنا أن هذا العام قد يكون عام خير وبركات.
واسترحم ربه أن يهب الأرض من ماء السماء وتينع الغلال، فالسحب الداكنة التي كانت تتجمع، كانت تندفع مسرعة نحو القرية وهطل المطر. ورنا إلى السهل الشاسع وقد تحولت البذرة إلى نبتة، تطل من تحت تربة ندية مبللة، ودفق ماء النهر وساح في البراري، وأسعد هذا الأمر الطَّحَّانَ ومطَّ شفتيه واستبشر خيرا.
بدا الطَّحَّان سعيدا متفائلا، فمَطحَنة الحبوب ستشتغل هذا العام والحقول ملآ بالغلال، وقد يأتي محصول جيد ويطلب من الطحال خدمات، وعقد صفقات من اجل طحن الحبوب.
وستتحرك مروحة المَطحَنة التي ظلت ساكنة لمدة طويلة، وحيث لم يكن هناك ماء يدفع بها إلى الدوران، وتدور بتلك السرعة التي يمكن من خلالها سحق الغلال والحبوب، وقد مرت سنوات عجاف لا مطر فيها ولا ماء.
وكانت السماء شحيحة، ولم تنفجر مياه العيون ولا تدفق ماء النهر. وما ساحت مياه الجداول التي كانت تنساب في الوديان وقريبة من القرية، وبمطحنة صالح الطَّحَّان، محركة مروحة كبيرة تمد المَطحَنة بقوة الدوران.
واستعان الطَّحَّان ببغال مدربة على الدوران، ...اقرأ المزيد