رائحة الأرواح تحتضر

Port of Tipasa, Algeria

تجتاحني انتفاضة لأجدك، فمنذ شهر لم أسمع عنك خبرا ولا قيلا، هاتفك مغلق ورسائلي لا يُردّ عليها، أوقظ أمّي باكرا أسألها عنك، فتنعتني بالجنون والحمق وتحذّرني أن أعود إليها، أقلّب دفاتري علّني أجد بعض الكلمات تأخذني إليك، أشمّ عطرك الأخير يسلبني إليك فجأة فلا تخبّئه قاروة ولا قطعة ثياب!، يسحقني الحنين إلى سخافاتنا وجنوننا، آخر أمل لي أن أجدك في ألبوم صوري، فعلا وجدتك….لكن… أيّ هراء أن أراك ولا تتكلّم!

لأنّني لم أعد أجدك حقّا، عزمت أن أعود إلى مدينتنا القديمة، فكيف يمضي العالم ولا يلتفت لنا، أرغب في توقيف الكرة الأرضيّة لأنزل منها علّني أجدك في عالم غير هذا العالم الأنانيّ الّذي لا يكترث لنا، أسمعك تهمس لي، غير قادر على الضّجيج متألمّا، قد تكون على الأرض أو في السّماء، أو ربّما بين الأنجم، أو على مدار الجدي أو السرطان، من يدري فربّما عند دوائر الأجرام البعيدة عنّا، أو عند كوابيسنا القريبة من هنا، الّتي لا تفصلنا عنها سوى يقظة، من يدري أنّك لست على خط غرينيتش، أعرف أنّني أسمعك، لكن كيف أجدك؟ أسمعك تلفظ كلمات لا أفهمها، لا تُفسّر إلّا جنونا، أتحمّل عناء ...اقرأ المزيد

ســلم نحــو الســماء

Sanaa, Yemen

مددت خطواتي الخضراء عبر الأزقة المزدحمة بظلال آخر الفجر وبقايا نفحات البخور التي تحمل رائحة من عبق التاريخ، أتسلق الدرج الحجري الذي يصعد نحو الأعلى ببطئ كسلم يكاد ينتهي إلى السماء، الحجارة بدت ملساء على كثر ما عبرها البشر. أتوقف ملياً وكأنها المرة الأولى التي اكتشف فيها ذاك السحر والخطوط الجصية البيضاء النائمة بإتقان في جلباب الأبنية الحجرية في تقاطعات مع الألوان التي تبدو كهالة من النجوم أعلى النوافذ الخشبية، لتضفي على ذلك الزخم مسلك لشوق الاكتشاف. أسفل تلك القمرية تطل أنثى بهية تشبهها، واسعة العينين، مليئة الخد، تنفض ضفيرتيها في رائحة الصباح وتبحث عن أحلام هاربة في زوايا وأزقة المدينة.. لن تدعني وحدي كالعادة، سترافقني وتطل من خلف النوافذ رغم تعرجاتي التصاعدية في طي تلك السلالم نحو الأعلى تارة وأخرى في خطوط قليلة الاستقامة. ضحكات الأطفال وأدعية الصباح التي يلقيها مسنو ذلك الحي، وعطر الأمومة المحتضن لجوف المساحة التاريخية يعطي دفعة إضافية لاستلهام اللوحة مرات ومرات، متناسياً قدمي التي باتت تعرف طريقها نحو مقهى البن اليمني الشعبي، وقد بلغت نم الارتفاع في صدر المدينة قرابة التسع طوابق أو أكثر. على كرسي خشبي وكأنها مسلوخة من النسيج العمراني حولها، أتناول قهوة ...اقرأ المزيد

المزرعة.. حيث سكينة الروح

Farm at Ad DIlinjat, Buheira, Egypt

بداخل كل منا روح تميزه عن غيره لها ما يسعدها، يملؤها بالراحة والأمان، يمنحها سكينة خاصة، ما يملأ روحي بالسكينة ويشرح صدري هو رؤية الزرع الأخضر بكل أنواعه ودرجاته ومراحل نموه، الأشجار وظلالها، النخيل وشموخه، تمنحني تلك الأشياء مع اقترانها بحالة من الهدوء وبعض الزهور الجميلة راحة وهدوء وطاقة إيجابية تجعل قدرتي علي العطاء والتفاعل مع الحياة في أعلي الدرجات.

قمت بشراء مزرعة في منطقة صحراوية تم استصلاحها وزرعها برتقال صيفي وليمون، وعندما تعرض صديق لي لأزمة صحية؛ وبعد أن تعافي منها، دعوته هو وأسرته وعددًا من الأصدقاء لقضاء يوم في تلك المزرعة، وذهبت إليها أكثر من مرة للتجهيز، فاستطلعت المكان وعرفت تضاريسه، حيث عرفت أن له مدخلين، أحدهما يؤدي إلي ممر (مشاية) بين الأشجار حتى منتصفها حيث توجد ماكينة الري، وبجانب البئر الذي تسحب منه الماكينة المياه شجرة توت، ويضيق الممر بين الأشجار حتي نهاية المزرعة، والمدخل الثاني يؤدي إلي عدة مبانٍ، مظلل بشجر العنب المتسلق علي أسلاك مثبتة علي أخشاب قائمة في الجانبين، فتمر السيارة من تحته، وعلي يمين المدخل تم عمل قاعدة مستديرة تعلو الأرض، مظللة بأشجار لها زهور متعددة الألوان ومتسلقة علي ...اقرأ المزيد

جسر سيدي مسيد

Pont Sidi MCid, Constantine, Algeria

مثلها مثل ذلك الجسر متعانقان في لوحة اسمها الماضي…انها في حضنه تتأوه تبتعد..تجلس بعيدا عنه..وعيناها مطر. وكأن السماء ارادت التدخل لمسح تراسيم الحزن على وجهها القمر فهطل المطر ليعزف سيمفونية الهطول لكنه يشتد صخبا ليجعل الناس يهرولون إلا هي هي فقط جلست في مكانها تتحدى المطر بكلمة يا رب..وبعد نصف ساعة يهدأ روع الطبيعة التي رسمت ابتسامتها على قسنطينة التي كانت متعطشة لبل ريق الارض ….لتصبح هادئة كما كانت لكن سُكينة لم تهدأ فقد ظلت تمارس خلوة الخيال مع الروح في صورة لسرحان ضائع فجعلت المارة ينتبهون اليها .. نظراتهم اليها جعل انفعالها يُبتزّ فتنهض لتنفض الغبار علي تنورتها الطويلة السوداء التي قام النسيم بمداعبتها فسمح بإطلالة لساقين جميلتان يثيران ألانتباه ببياضهما اللامع.

سكينة قبل ان تذهب للجسر كالعادة يجب ان تحمل معها ثلاث حجارة وتضع كل حجرة على حافة كل حجرة منها تبعد عن الاخرى ما يقارب المتر ثم تبتعد قليلا تنظر اليهم تبتسم ثم تبكي فتذهب للحجر الاول تقبله وترميه ثم الحجر الثاني تقبله وترميه حتى تصل للحجر الثالث فتمسكه في يدها وترحل دون ان تلتفت للوراء.

لكن سعيد رغم اختفائها ظلت حاضرة ...اقرأ المزيد

الرغبة الأخيرة

Argana cafe, Marrakesh

كان الوضع رهيبا للغاية، كأنه نيزكا عملاقا سقط من الفضاء، فأتى على أجمل مكان في مدينة مراكش، كثُرت أسئلة العابرين واشتد لغطهم:”ماذا حدث؟” “هذا يشبه الرّعد” “ربما مستودع قنينات غاز انفجر” ..”الأمر خطير جدا” “يا ربي الستر”.

كنت من بين المتسائلين المتواجدين قرب “جامع الكتبية” أتصفح ذاكرة المرابطين والموحدين الباهرة. عندما سُمع الانفجار، أخذتني قدماي إلى ساحة “جامع الفناء”، حيث تركت صديقي هناك رفقة جاكلين بمقهى” أركانة” المطل على الساحة، يتحدثان في أمور عاطفية من المنتظر أن تختتم بزواج تم هجرة إلى “أمريكا”. كانت هذه هي الرغبة الأخيرة لصديق الطفولة بعد محاولاته المتعددة في الانتحار بسبب فشله في إيجاد عمل داخل وطنه.

رغم التعاسة وبؤس الحياة، ورغم الانكسارات المتكررة التي كانت تلاحق “مراد” مند تخرجه من الجامعة، إلا أن الابتسامة وروح المرح لم تفارقاه مطلقا. قال لي ذات مرة: “أنا أبحث عن حنان الوطن لا عن حنان حنان”، وكان يقصد بذلك اسم الفتاة التي كانت على علاقة به. لم يكن يجد مراد صديقا أخر غيري في مؤانسته، لذلك قرر في ذلك الصباح أن نسافر معا إلى مراكش …

شرع في اختيار ألوان ملابسه…مراكش لا يناسبها إلا سروال الجينز الأزرق وحذاء ...اقرأ المزيد

غيرة مجنونة

Ouargla, Algeria

تحبه الى درجة العبادة وتغار عليه إلى درجة الجنون ها هو اليوم مسافر في مهمة عمل وهي لا تقوى على هذا الفراق المحتم، كيف ستكون بعد لحظات وأنفاسه لا تحلق في سماءها ها هنا وعطره لا يغذي عطش روحها الظمأى.

سيغيب أسبوع سبع أيام وكأنها سبع سنين هما لم يفترقا منذ عقد الهوى بين قلبيهما وكلّله الرب بزواج عطر يبلغ اليوم شهره الثالث كانت السنوات الأربعة التي قضياها معا بالجامعة كافيه يفهم كل منهما الآخر أحبته فلم تعد ترى فيه إلا كل جميل وأحبها وأصبحت له كل الحياة ….

تنتظره كل يوم بنشوة وشوق وحين يعود مساءا تحيطه بكل ما يطمح إليه رجل عائد من عمله منهك القوى حتى لا يكاد يخرج إلا إذا دعاه احد أصحابه أو لإقامة الصلاة في المسجد.

تمتد يده إلى الباب مودعا إياها وتسبقه يداها تضمه إلى صدرها في حنو ووله علها ترتوي من أنفاسه قبل رحيله وقد ترقرقت دموعها على خديها يمسح دمعها وبكل حنان ويقبلها قبلته الأخيرة ويغادر

يمضي الأسبوع ثقيلا مملا تستيقظ لتفكر فيه وتنام لتحلم به وبين اليقظة والمنام لهل معه ألف محطة ترتب ملابسه تجمع أغراضه تقرا رسائله القديمة تحن تتصل به ترسل رسالة قصيرة تقلب دفتر الصور ترحل مع ذكرياتهما معه ...اقرأ المزيد

خمود صيفيّ

Beni Hammad Fort, Maadid, Algeria

بقيت هنالك أسير في ظلمة الليل وحيدا و غايتي ضوء تضاءل في الظهور ـ تجاهلت وحش الليل وعفونة المكان ـ كانت الرائحة كريهة جدا لكنها لا تنفك تسآلني التأقلم والطريق على ما يبدو بعيدة جدا وليس في ذلك بُدٌّ من إكمال الطريق. مشيت بضع خطوات إلى الأمام بعيدا من هنا وفي ذاكرتي الكثير عن التي كنت أحبها .. يسآلني الصوت الأجش عن حبيبتي فأجيب بتؤدة و قد هالني الأمر،” أيها الماضي الكئيب ألا تغادرني بعيدا و تمنحني فرصة للتأقلم مع الحاضر”، حكايات النجم المسلوب تظل تفاجئني تُغَيِّرني تمنحني أملا زائفا، ووحش الغابة المخملي يتحين الفرصة للانقضاض رويدك أيها الجاني رويدك …..فلتجبني عن سؤالي غير أني حائر بعض الشيء …

“أحبيبتي نجمة مسلوبة كذلك أم أنا المسلوب”؟ “أحبها” اصرخ بقوة – “لكنك لن تفوز بقلبها وعريسها موجود”،

ولأنَّنِي عالقٌ هنا.. تحملني الخيبة إلى مملكة الحماديين وقد تفاجأت بالصوت الأجش يدعوني من جديد “أيها الحالم في ديار ياقوت لم يحن وقتك بعد فلتجهز آلة العزف التي تحملها”. و بت أدرك أنِّي احمل بين يدي آلة عود لم أتحسسها بينهما من قبل وكيف لي أن أعرف ذلك وأنا في حالة لا يرثى ...اقرأ المزيد

تسعة شارع الأمل

Cairo Egypt

الساعة تقترب من الرابعة صباحا، و أنا في سريري لا أستطيع النوم. أعاني من حالة أرق غريبة، نادرا ما كانت تصيبني. السرير، بالرغم من أنه مكاني المفضل، إلا أنه و فجأة، أصبح ضيقا و غير مريح بالمرة. خرجت من الغرفة و اتجهت للتراس الواسع لعل الهواء يساعدني قليلا لتجاوز هذه الحالة المؤلمة، من الأرق و القلق.

هدوء رائع جذاب، لا تقاطعه إلا أصوات السيارات التي تمر كل فين و فين من شارعي أو من الشوارع المجاورة. هذا الشارع، و هذه الصورة، انطبعت في ذاكرتي، فأنا أرى هذا المكان منذ وعيت و منذ تعلمت الإدراك. هذا الشارع و هذا المكان شهد على كثير من أحداث حياتي، الصعبة، القاسية، و الجميلة أحيانا.

تركت الماء ليغلي، لأشرب كوب منعش من الشاي، الذي أضيف إليه ثلاث حبات من القرنفل و ملعقة عسل. أخذت فنجان الشاي، و عدت للتراس. لماذا لا أنام، فالكل ينام، و يستغرق في النوم و يرتاح. بماذا أفكر، و ما هو هذا الشئ الذي قرر أن يسلبني راحتي بكل قسوة. الهواء أنقى من أي وقت، و السماء صافية على غير العادة.

قد لا أكون على استعداد للإعتراف بما يجول في ...اقرأ المزيد

المَطحَنَةُ

Rio Martin Tanger Tetuan Morocco

انتصب صالح الطَّحَّان أمام باب المَطحنة، متأملا ناظرا إلى ألأفق العابس، الذي أشعل في نفسه شهوة الانتصار. موقنا أن هذا العام قد يكون عام خير وبركات.

واسترحم ربه أن يهب الأرض من ماء السماء وتينع الغلال، فالسحب الداكنة التي كانت تتجمع، كانت تندفع مسرعة نحو القرية وهطل المطر. ورنا إلى السهل الشاسع وقد تحولت البذرة إلى نبتة، تطل من تحت تربة ندية مبللة، ودفق ماء النهر وساح في البراري، وأسعد هذا الأمر الطَّحَّانَ ومطَّ شفتيه واستبشر خيرا.

بدا الطَّحَّان سعيدا متفائلا، فمَطحَنة الحبوب ستشتغل هذا العام والحقول ملآ بالغلال، وقد يأتي محصول جيد ويطلب من الطحال خدمات، وعقد صفقات من اجل طحن الحبوب.

وستتحرك مروحة المَطحَنة التي ظلت ساكنة لمدة طويلة، وحيث لم يكن هناك ماء يدفع بها إلى الدوران، وتدور بتلك السرعة التي يمكن من خلالها سحق الغلال والحبوب، وقد مرت سنوات عجاف لا مطر فيها ولا ماء.

وكانت السماء شحيحة، ولم تنفجر مياه العيون ولا تدفق ماء النهر. وما ساحت مياه الجداول التي كانت تنساب في الوديان وقريبة من القرية، وبمطحنة صالح الطَّحَّان، محركة مروحة كبيرة تمد المَطحَنة بقوة الدوران.

واستعان الطَّحَّان ببغال مدربة على الدوران، ...اقرأ المزيد

خشوع فى حضرة النبى خالد

Sidi Khaled Argelia

دخلت المقام وسلمت عليه، قدم على أحد الخدم يحمل صينية التمر وكوب اللبن، مرحباً بك فى مقام النبى خالد. نبى!!..نعم، ألا تعرفه ..هو النبى العربى الذى أضاعه قومه..انصرف سريعاً ليهتم بباقى الزوار.

كنت فى طريقى إلى مدينة بسكرة بالجزائر لأشترى تمراً طلبته زوجتى، ألحت..أحلم به منذ زمن، علامات الوحم ..لو تأخرنا أكثر من هذا ربما جاء الولد وفى رأسه تمرة.

مندهشاً أعود للمنزل بعلبة تمر وشغف يقودنى للآيباد، أبحث عن هذا النبى المجهول، وجدته.. وفدت ابنته “محياة” على النبى محمد ضمن وفد من عبس فبسط لها رداءه، وقال مرحباً بابنة أخى، وسمعت هى النبى يتلو “قل هو الله أحد” قالت كان أبى يقول مثل هذا، فرد النبى، كان نبياً مثلى ولكن قومه أضاعوه.

جاءت البعثة لليابان بعد طول انتظار، أخيراً سأحظى بالفرصة..عامان درست فيهما اللغة اليابانية وأدمنت أكل السوشى رغم غلاء ثمنه، عالم آخر.. سنسوجى .. المعبد المزركش الألوان يشدنى.

هذا التمثال المبتسم.. لا أمنع نفسى من الإعجاب بخشوع المصلين فى حضرة بوذا ..سلوكهم ينبع من إدراك لحقيقة الإيمان..تقترب منى هذه الفتاة ذات المشية الهادئة بعربية مكسرة تقدم لى طبقاً من حساء الميزو الساخن..تفضل بالهناء..هكذا تقولون فى مصر أليس كذلك؟ ابتسم ...اقرأ المزيد

اختر مغامرتك

عجيب أن يكون الله

أ) قد أنعم علينا بنعمه التي تتجلى للبشرية جمعاء في أشكال مختلفة من الحياة، وفي الوقت ذاته تجدنا نتشبت بالمعتقدات التي تخص كل مجتمع بشري على حدة، أي التي اكتسبناها من خلال خلفياتنا الثقافية المختلفة، لأنها وحدها كفيلة لمساعدتنا على اكتساب الفهم الصحيح لوجوده.

ب) قد جعلنا نقع في حب بعضنا البعض بينما تقوم عقولنا ببلورة أفكار حول مبادئ دينية تتعارض مع الواقع وتهدد بفضح أسراره.