مازال البرق یخطف بعض الظلمة، ویباغتني برجفة. ربما یقصدني، وربما یُصبح بشارة أو وعید. ستختفي الظلمة عما قریب، ویبھت البرق، وسیعود النھار حتماً. ھذا رجائي، فعدتُ للدار بعدما توجستُ، وارتجفتُ، ورمیتُ ما أنا فیھ بغطاء ثقیل.
ما إن صحوت من نومي بعد طول الرقاد،حتى دنوتُ من أمي، والتصقتُ بھا، ننظر للشارع الخالي، ورذاذ المطر یھبّ على وجھي عنوة. تحسستُ ساعتي بعد مدة، فكساني الحزن والغمّ برداء ثقیل، وفتحتُ النافذة الأخرى، فأیقنتُ أن السماء تغسل أرضیتھا الرمادیة. اللیل ھرب من الصبح، والصبح وقفٌ على لیل، والليل والصبح في ھذه اللحظة شيء واحد: ) الوقت متأخر. لا علیك ( فارتدیتُ ملابسي، وھممتُ بالخروج، وفتحتُ بوابة الدار. نظرتُ الطریق. الطرق موصدة أمامي: ) لن أصل إلى ما أرید( فرضیتُ كَرھاً بالجلوس، والنور الطبیعي والصناعي قد ذبلا، وانطفأ برذاذ المطر. أشعلتُ سراجاً لا یُسمن ولا یُغني، وتحلقنا حولھ، وملأنا بطوننا. عقارب الساعة ھاربة، ومختفیة. لا أحد منا یجید الحكي، ولا یملك غریب اللفظ، أو النكات. الكل یدور، ویبحث في وجھ الآخر عن شيء نغلّ بھ الوقت، ونزج بھ قرباناً لصبح آتٍ. ندور جمیعاً بین الغرف. ملّ منا الدوران. ذبالة ضوء السراجة لا تفي بقراءة سطور أي كتاب، ...اقرأ المزيد